141

Sharh Siyar Kabir

شرح السير الكبير

Maison d'édition

الشركة الشرقية للإعلانات

Année de publication

1390 AH

اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ قِيَامَ السَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ بِمَا أَقَرَّ بِهِ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ شُبْهَةً يَنْدَرِئُ بِهَا الْقَتْلُ، فَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْجُعْلِ فَلَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ فَيَتِمُّ إسْلَامُهُ بِلَا شُبْهَةٍ، فَإِذَا ارْتَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ.
- وَذَكَرَ عَنْ غَالِبِ بْنِ خَطَّافٍ قَالَ: كُنَّا قُعُودًا بِبَابِ الْحَسَنِ فَأَتَانَا شَيْخٌ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَقَعَدَ، ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُسَلِّمُ عَلَى قَوْمٍ إلَّا فَضَلَهُمْ بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ وَإِنْ رَدُّوا» . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبِدَايَةَ بِالسَّلَامِ أَفْضَلُ، وَأَنَّ ثَوَابَ الْمُبْتَدِئِ بِهِ أَكْثَرُ، لِأَنَّ الْجَوَابَ يُبْتَنَى عَلَى السَّلَامِ، وَالْبَادِئُ بِالسَّلَامِ هُوَ الْمُسَبِّبُ لِلْجَوَابِ، وَهُوَ الْبَادِئُ بِالْإِحْسَانِ، وَالرَّادُّ يُجَازَى إحْسَانُهُ بِالْإِحْسَانِ. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي «عَنْ جَدِّي أَنَّهُ جَعَلَ لِلْقَوْمِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَأَسْلَمُوا. فَبَعَثَنِي أَبِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِأُخْبِرَهُ بِذَلِكَ وَأَسْأَلَ لَهُ الْعِرَافَةَ. فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْت: إنَّ أَبِي يَقْرَأُ عَلَيْك السَّلَامَ. فَقَالَ: عَلَيْهِ وَعَلَيْك» . فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ بَلَّغَ غَيْرَهُ سَلَامًا مِنْ غَائِبٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرُدَّ ﵉، لِأَنَّ الْغَائِبَ مُحْسِنٌ إلَيْهِ بِالسَّلَامِ وَالرَّسُولَ بِالْإِيصَالِ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجَازِيَهُمَا

1 / 141