رسالتي المسماة بالمورد في المولد وقد ولد صلى الله تعالى عليه وسلم بالشعب وقيل بالدار التي عند الصفا التي بنتها زبيدة مسجدا («من سئل عن علم) أي مما يتعين تعليمه وقيل الحديث ورد في الشهادة وقيل في تبليغ الرسالة عند الحاجة والأظهر أن المراد به العلم الشرعي كما قال به الحليمي وكثيرون ويؤيده حديث ابن ماجه من كتم علما مما ينفع الله به الناس في الدين ألجمه الله بلجام من نار والعلوم الشرعية ما يستفيدون من الكتاب والسنة من أصولها وفروعها ومقدماتها التي تتوقف على معرفتها بقدر الحاجة إليها دون التوغل فيها (فكتمه) أي بعد ما علمه (أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ») أي عند قيامهم من قبورهم واللجام بالكسر ما تلجم به الدابة ليمنعها عن النفور شبه ما يوضع في فيه من نار بلجام في فم الدابة وهو إنما كان جزاء امساكه عن القول الحق وخص اللجام بالذكر تشبيها له بالحيوان الذي يسخر ويمنع من قصد ما يريده فإن العلم من شأنه أن يدعو الناس إلى الحق القويم ويرشدهم إلى الطريق المستقيم وقد أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي، وقال الترمذي حسن وأخرجه أيضا أحمد وابن حبان والحاكم وصححه. وفي حديث ابن مسعود فكتمه عن أهله وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «من كتم علما علمه الله أو أخذ عليه اجرا جيء به يوم القيامة ملجما بلجام من نار» وقال الشافعي:
ومن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقط ظلم
وسئل بشر عن هذا الحديث فقال إياي تعني دع هذا للجاج هنا حتى يأتي أهله فإن نشره في غير أهله كمنعه عن أهله. وروي عن أنس مرفوعا، قال: لا تطرحوا الدر في أفواه الكلاب يعني الفقه والعلم في ايدي الظالمين والمرائين وطالبي الدنيا. وعن أنس أيضا مرفوعا طلب العلم فريضة وواضع العلم في غير أهله كمعلق الجوهر واللؤلؤ على الخنزير. وروي مرفوعا أن عيسى ﵊ قام خطيبا في بني إسرائيل، وقال: لا تكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها ولا تمنعوها عن أهلها فتظلموهم ومما ينسب لعلي كرم الله تعالى وجهه:
وناشر العلم بين الجاهلين به ... كموقد الشمع في بيت لعميان
(فبادرت) عطف على الخبر المقدر لقوله لكني قبلت وما تأخرت بل أقبلت فبادرت (إلى نكت) بضم ففتح جمع نكتة وهي ما خفي إدراكه حتى يفتقر إلى تفكر ونكت في الأرض أي طعنها، وأما قول بعض هي كل نقطة من بياض في سواد وعكسه فليس في محله المراد أي إلى بيان لطائف (سافرة) بكسر الفاء أي مضيئة ومنيرة وموضحة ومبينة. وفي نسخة سافرة أي كاشفة (عن وجه الغرض) أي المطلب والمقصد (مؤدّيا من ذلك) أي حال كونه مؤديا من أجل ما ذكر (الحقّ المفترض) بفتح الراء (اختلستها على استعجال)، وكان الأولى أن يقول الاستعجال ليلائم تعريف البال. وفي نسخة اختلسها بالمضارع المتكلم ووقع في نسخة اختلسوها بالواو أي المفروض من نشر العلم واظهاره لا سيما بعد السؤال وتكراره
1 / 25