غُلْفٌ أي ذوات غلف لا تعي كلمة الحق ولا تفهمها لأنها لا تصل إليها (وآذانا) بمد الهمزة جمع اذن (صمّا) بضم فتشديد ميم جمع صماء لا أصم كما سبق أي لا تسمع النصيحة، والحاصل أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أتاهم بآيات واضحة ومعجزات لائحة فاجتلت أبصارهم ووعت قلوبهم وقبلت أسماعهم (فآمن به) أي صدق النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وما جاء به (وعزّره) أي عظمه ووقره وهو بتشديد الزاء، ووهم التلمساني حيث قال:
تخفف وتشدد. ففي القاموس العزر اللوم والتعزير التعظيم أو المعنى منعه من عدوه إذ أصل العز والمنع ومنه التعزير لأنه يمنع من معاودة القبيح (ونصره) أي أيده وأعانه إيماء إلى قوله تعالى: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ والضمير في الآية يجوز أن يكون لكل منهما والأظهر أن يكون إلى الأخير، فإن الإيمان به متضمن للأول فتأمل، ثم الفاعل قوله:
(من) أي الذي (جعل الله له في مغنم السّعادة) أي في غنائم السعادة الإيمانية وحيز السيادة الإيقانية (قسما) بكسر فسكون أي حظا ونصيبا مقسوما، وأما بفتح القاف فهو مصدر (وكذّب به) أي كفر بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم (وصدف عن آياته) أي أعرض عن معجزاته البرهانية أو مال عن قبول آياته القرآنية (من كتب الله) أي قدر وقضى وأوجب (عليه الشّقاء) بالمد مفتوحا ويكسر أي الشقاوة كما في نسخة وهي الأولى من الأولى كما لا يخفى. وقال التلمساني: الشقاء العذاب وهو ممدود انتهى. ولا يخفى عدم الملائمة بالمقابلة للسعادة مع أن صاحب القاموس قال: الشقاء الشدة والعسر ويمد، والظاهر أن معناه التعب كما فسر به قوله تعالى: (فشقى) وقوله: ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى لا بمعنى العذاب المتعارف والله أعلم. (حتما) أي حتما مقضيا يعني وجوبا متحتما لازما لا بد له من فعله ولا تبديل ولا تحويل فيه أصلا وقطعا (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ) أي في الدنيا الدنية التي هي محل تحصيل الكمالات الدينية (أَعْمى) أي عن الأمور العلمية والعملية أو عن طريق الحق وبصيرة الصدق (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) [الإسراء: ٧٢] . فاعل أو خبر أي فهو فيها أعمى بالطريق الأولى أو أشد عمى مما كان في الدنيا أو أعمى عن النجاة ورؤية سبيل أهل الهدى والحاصل أن أعمى في الموضعين افعل وصف، والمعنى من كان في الدنيا لا يبصر طريق هدايته لا يرى في العقبى سبيل عنايته وقيل أعمى الثاني للتفضيل كأجهل وأبله، ولهذا عطف عليه في الآية، وَأَضَلُّ سَبِيلًا ولم يمله أبو عمرو ويعقوب لأن أفعل التفضيل تمامه بمن فكانت ألفه في حكم المتوسط كما في أعمالكم ولا يبعد أن يراد بالعمى في الدنيا الجهالة والضلالة في الأمور الدينية وكونه أعمى في الآخرة بالطريق الصورية والمعنوية (صلّى الله تعالى عليه وسلّم) جملة خبرية مبنى انشائية معنى (صلاة تنمو) بفتح فسكون فضم من النمو أي تزيد عددا دائما (وتنمى) بصيغة المجهول من الإنماء أي ويزيدها الله أو يزيد ثوابها أبدا والمعنى تزيد في نفسها أو يزاد فيها، وفي نسخة صحيحة بدل الأولى تنمى كترمى بالياء بدل الواو وهو الأولى من جهة صنيع الجناس المستحسن في المبنى مع انه
1 / 14