فإن ذلك
إنما يوافق مثله، ويفرع شكله، وكنى بنصال السهام عن اجتداد الخطوب، وقال: إن بعضها يكسر بعضًا في فؤاده، لتزاحمها فيه، وتكاثرها عليه.
وَهَانَ فَمَا أبَالي بالرَّزَايا ... لأني ما انتفَعْتُ بأن أُبالي
قال: وهان، يريد: رمي الدهر له برزاياه، فحذف الرمي لدلالة قوله (رماني الدهر) عليه، وأضمر ثقة بما قدمه من التفسير؛ لأنه لما قدم وصف حاله، ورمي الدهر له، قال (وهان)، يريد: وهان ذلك، وإضمار ما يقدم ذكره حسن في الكلام، ثم ذكر أنه لا يبالي بما طرقه من الرزايا لتتابعها، فهو لا يجزع لها، لتيقنه أن الجزع غير نافع فيها.
وهَذَا أوَّلُ النَّاعِيْنَ طُرًَّا ... لأوَّلِ مَيْتَةٍ في ذَا الجَلالِ
كَأنَّ الموتَ لم يَفْجَعْ بِنَفْسٍ ... وَلَمْ يَخْطُرْ لِمَخْلُوقٍ بِبِالِ
ثم قال: إن الناعي لأم سيف الدولة أول من نعى ميتة في شرفها، ومفقودة في مثل منزلتها، وإم المصيبة بها أنست المصائب، وبعثت من الحزن ما أفقد جميل الصبر، وأوجب أشد الجزع، حتى كأن الموت قبلها لم يفجع بنفس، ولا خطر ببال.
1 / 186