وَاجْتَوَرُوا وَالْحَيَدَى، وكذا قلة استعمال إحدى الكلمتين وكثرة استعمال الأخرى المناسبة لها لفظًا ومعنى لا تدل على كون القليلة الاستعمال مقلوبةً، فإن رَجْلةً في جمع رَجُل أقل استعمالًا من رِجَال وليست بمقلوبة منه، ولعل مراده أنها إذا كانت الكلمتان بمعنى واحد ولا فرق بينهما إلا بقلب في حروفهما، فإن كانت إحداهما صحيحة مع ثبوت العلة فيها دون الأخرى كأيِسَ مع يئس فالصحيحة مقلوبة من الأخرى، وكذا إن كانت إحداهما أقل استعمالًا مع الفرض المذكور من الأخرى، فالْقُلَّى مقلوبة من الكبرى، كآرام وآدر مع أَرْآم وأَدؤر، مع أن هذا ينتقض بجذب وجبذ، فإن جذب أشهر مع أنهما أصلان (١) على ما قالوا ويصح أن يقال: إن جميع ما ذكر من المقلوبات يُعْرَف بأصله، فالجاه والحادي والقسيّ عرف قلبها بأصولها وهي الوجه والوحدة والقوس، وكذا أيس يأيس باليأس، وآرام وآدر برِئْمٍ وَدَارٍ، فإن ثبت لغتان بمعنًى يُتَوَهَّمُ فيهما القلب، ولكل واحدة منهما أصل كجذب جَذْبًَا وجبذ جَبْذًا، لم يحكم بكون إحداهما مقلوبة من الأخرى، ولا يلزم كون المقلوب قليل الاستعمال، بل قد يكون كثيرًا كالحادي والجاه، وقد يكون مَرْفُوض الأصل كالقِسِيِّ، فإن أصله - أعني القووس - غير مستع؟ وليس شئ من القلب قياسيًا إلا ما ادعى الخليل فيما أدى تك القلب فيه إلى اجتماع الهمزتين كجاءٍ وسواءٍ (٢)، فإنه عنده قياسي
_________
(١) هذا الذى ذكره من أن جذب وجبذ أصلان هو ما ذهب إليه جمهرة المحققين من النحاة وذهب أبو عبيد وابن سيده في المحكم على ما قاله اللسان (في مادة جذب) إلى أن جبذ مقلوبة عن جذب ونقل في اللسان عن ابن سيده (في مادة جبذ) مثل قول الجمهور (٢) جمع سائية، وهى مؤنث ساء، وهو اسم فاعل من قولهم ساءه سوءا وسواه
وسواءة وسواية وسوائية ومساءة ومسائية على القلب، فعل به ما يكره (*)
1 / 24