127

Sharh Riyadh as-Salihin by Ibn Uthaymeen

شرح رياض الصالحين لابن عثيمين

Maison d'édition

دار الوطن للنشر

Année de publication

1426 AH

Lieu d'édition

الرياض

فالمهم أن هذه تخلف عنها كعب، لكنها ليست في أول الأمر، إلا في ثاني الحال؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يخرج لقتال، وإنما خرج للعير، ولكن الله جمع بيته وبين عدوه على غير ميعاد، وكانت غزاة مباركة ولله الحمد. ثم ذكر بيعته النبي صلي الله عليه وسلم ليلة العقبة في مني، حيث بايعوا النبي صلي الله عليه وسلم على الإسلام وقال: إنني لا أحب أن يكون لي بدلها بدر.
يعني هي أحب إليه من غزوة؛ لأنها بيعة عظيمة.
لكن يقول: كانت بدر أذكر في الناس منها، أي أكثر ذكرًا، لأن الغزوة اشتهرت بخلاف البيعة.
علي كل حال- ﵁ يسلي نفسه بأنه إن فاتته بدر فقد حصلت له بيعة العقبة، فرضي الله عن كعب وعن جميع الصحابة.
يقول ﵁: «إني لم أكن قط اقوي ولا ايسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة» - أي: غزوة تبوك- كان قوي البدن، ياسر الحال، حتى إنه كان عنده راحلتان في تلك الغزوة، وما جمع راحلتين في غزوة قبلها أبدًا، وقد استعد وتجهز- ﵁ وكان من عادة النبي صلي الله عليه وسلم أنه إذا أراد غزوة وري بغيرها، أي: أظهر خلاف ما يريد، وهذا من حكمته وحنكته في الحرب، لأن لو أظهر وجهه تبين ذلك لعدوه، فربما يستعد له أكثر، وربما يذهب عن مكانة الذي قصده النبي صلي الله عليه وسلم فيه.
فكان مثلًا إذا أراد أن يخرج إلي الجنوب وري وكأنه يريد أن يخرج إلي الشمال، أو لا أراد أن يخرج إلي الشرق وري وكأنه يريد أن يخرج إلي الغرب حتى لا يطلع العدو على أسراره. إلا في غزوة تبوك، فإن النبي صلي الله عليه وسلم

1 / 132