" الماء يطهر ولا يطهر " (1) في رواية السكوني فإنه مسوق لبيان أنه لا يطهر بغيره كما هو مطهر لغيره، فلا دلالة فيه على مطلوبهم أبدا، بل قيل: إنه على خلاف المطلق أدل كما استدل به بعضهم على اعتبار الاستهلاك أي لا يطهر مع بقائه على حاله، فطهره متوقف على أن يغلب عليه المطهر فيخرجه عما هو عليه، ولا يصدق عليه أنه باق على ما كان، لعدم إمكان حمله على السلب الكلي من عدم قبوله للتطهير أبدا، لكونه خلاف الإجماع فليحمل على عدم القبول مع بقائه بحاله وعدم استهلاكه في المطهر وإن كان فيه ما فيه.
ومثله قوله (عليه السلام) في ماء الحمام: " إنه يطهر بعضه بعضا " (2) وقد سبق منا الكلام فيه في مسألة الجاري.
وأما قوله (عليه السلام) في مرسلة الكاهلي: " كل شيء يراه المطر فقد طهر " (3)، ففيه أن الرؤية فيها كناية عن ملاقاته على وجه معتبر في التطهير به، ونحن نسلم أن كل متنجس لاقاه المطر فقد طهر، وإنما الكلام في أن ملاقاة البعض لا تكفي في الحكم بطهارة الكل.
ودعوى الكفاية بتقريب أن الحوض الذي لاقى المطر سطحه الفوقاني صادق عليه عرفا أنه لاقاه المطر. فيها - مع الغض عن كون الإطلاق في المقام من باب التسامح المتعارف عند العرف - أنه يصدق حقيقة على غير السطح المرئي أنه لم يره المطر فلم يطهر، قضية لحكم المفهوم المعتبر، لكونه من مفهوم الشرط من حيث تضمن المبتدأ لمعنى الشرط، فيقع التعارض بين المفهوم والمنطوق، والأول أظهر لكشفه عن التسامح في الإطلاق الذي ادعوه من صدق الملاقاة، وإلا لكان مانعا عن صدق عدم الملاقاة في غير السطح، لامتناع اجتماع النقيضين، وهذا معنى قول شيخنا الأستاذ - طاب ثراه - في دعواه عدم الرؤية في البقية مع تسليمه
Page 89