والحاصل: أن ظاهر قوله (عليه السلام): " إذا جرى " في الصحيحة بعد فرض أن السؤال والجواب في بيان جواز استعمال الماء المأخوذ من المطر الواقع على الأرض النجسة هو اعتبار جريان المطر بمعنى شرطية نزوله في هذا الحكم.
ومن هنا يتبين أيضا أن موضوع الحكم هو المطر الذي لم يبلغ حد الكثرة الشرعية وهو الكر، إذ لو كان كرا لم يكن وقع للشرطية المذكورة.
وأيضا بهذا البيان تبين دلالة الصحيحة على الانفعال بعد قطع المطر وقلة الماء أخذا بمفهوم الشرطية الذي لا تأمل في اعتباره، وعليه يحمل إطلاق صحيحة ابن الحكم - لو سلم أن لها إطلاق - الواردة في ميزابين سالا أحدهما بول والآخر ماء المطر، فأصاب ثوب رجل من قوله (عليه السلام): " لم يضره ذلك " (1) بناء على أن المصاب من ممزوج هما، مع أنه يمكن دعوى ظهور سيلان الميزاب من ماء المطر فيما كان سائلا حال نزول المطر، لأنه المصحح للانتساب.
وفي صحيحة ابن سالم عن السطح يبال عليه فيصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب، قال: " لا بأس، ما أصابه من الماء أكثر منه " (2) وتعليله بالأكثرية لعله لحفظه عن التغيير والاستهلاك، فيدل على أن المطر معتصم في الجملة أي حال نزوله كما هو مفاد نفي البأس عن إصابة ما لاقى منه المحل القذر.
وفي صحيحة اخرى لعلي بن جعفر (عليه السلام): " عن رجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل أن يغسله؟ فقال (عليه السلام): لا يغسل ثوبه ولا رجليه ويصلي فيه، ولا بأس " (3). فإن الظاهر أن قوله (عليه السلام): " لا بأس " إنما هو لعصمة المطر عن الانفعال.
إلى غير ذلك من الروايات الواردة فيه الظاهرة في اعتصامه مع قلة مائه عن الانفعال وطهارة المحل القذر الذي أصابه مع استيعابه إياه ولو كان ماء قليلا.
Page 64