وموثقة أبي أسامة: " إذا وقع في البئر البط والدجاجة والفارة ينزح منها سبع دلاء، قلنا: فما تقول في ثيابنا وصلاتنا ووضوئنا، وما أصاب ثيابنا؟ قال (عليه السلام):
لا بأس " (1)، و: " عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة قال (عليه السلام): لا بأس إذا كان فيها ماء كثير " (2) والتقييد بالكثرة المراد منها هنا المعنى العرفي الغير المعتبر في طهارة البئر قطعا إنما هو للمحافظة على التغيير.
فتلك الأخبار المعتبرة سندا، الواضحة دلالة بالنصوصية والظهور، الآبية عن الحمل على غير ظواهرها، المعتضدة بما ذكر، وبسماحة الشريعة وسهولتها، وبلزوم الحرج في خلافها، وبغيرها من الاعتبارات كافية في إثبات المطلب لمن أنصف، ووافية لقطع العذر عمن لم يتعسف.
هذا حكم البئر من حيث عدم الانفعال، وموضوعها أيضا مبين في العرف غير محتاج إلى البيان، وليس منها قطعا ما يطلق عليه البئر مما حفر على وضعها لجريان ماء القناة منه لمأخوذية عدم الجريان في موضوعها جزما، ولا تنافيه الجريان في بعض الأحيان لغلبة الماء كما يتفق في بعض السنين واجراء حكم الجاري عليها حينئذ غير مضايق عنه مع عدم خروجها عن البئر به، لعدم التنافي بين صدق العنوانين، فهي حينئذ بئر جرى ماؤها كخروج النابع المحفور الواقف ماؤه عنها إذا لم يسم في العرف بئرا، كبعض العيون. والمشكوك في أنه من أيهما مع عدم كرية مائه محكوم بالانفعال بالملاقاة، لأنه في حكم العيون الواقفة لو قلنا في العيون الواقفة بالانفعال بالملاقاة، كما هو الأقوى عندنا، تحكيما لعمومات انفعال القليل.
ولذا لم نستبعد التفصيل في البئر بحسب العمومات بعد تكافؤ أخبارها الخاصة كما سبق. وأما حكمها باعتبار المطهر فيطهرها كل ما هو مطهر للماء النجس، لعموم أدلة مطهرية ذلك المطهر من الكر والجاري وماء المطر، مع قابلية المحل لقبول التطهير.
Page 51