Commentaire sur le Nahj al-Balagha
شرح نهج البلاغة
Chercheur
محمد عبد الكريم النمري
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1418 AH
Lieu d'édition
بيروت
قالت الإمامية : هذا غير لازم ، والفرق بين الموضعين ظاهر ، لأن عليا عليه السلام لم يقل : إني لا أصلح ، ولكنه كره الفتنة ، وأبو بكر قال كلاما معناه : إني لا أصلح لها ، لقوله : لست بخيركم ، ومن نفى عن نفسه صلاحيته للإمامة ، لا يجوز أن يعهد بها إلى غيره . واعلم أن الكلام في هذا الموضع مبني على أن الأفضلية هل هي شرط في الإمامة أم لا ؟ وقد تكلمنا في شرح الغرر لشيخنا أبي الحسين رحمه الله تعالى في هذا البحث بما لا يحتمله هذا الكتاب .
وقوله عليه السلام : لشد ما تشطرا ضرعيها ، شد ، أصله شدد ، كقولك : حب في حبذا أصله حبب ، ومعنى شد صار شديدا جدا ، ومعنى حب صار حبيبا ، قال البحتري :
شد ما أغريت ظلوم بهجري . . . بعد وجدي بها وغلة صدري
وللناقة أربعة أخلاف ؛ خلفان قادمان وخلفان آخران ، وكل اثنين منهما شطر . وتشطرا ضرعيها اقتسما فائدتهما ونفعهما . والضمير للخلافة ، وسمى القادمين معا ضرعا ، وسمى الآخرين معا ضرعا لما كانا - لتجاورهما ، ولكونهما لا يحلبان إلا معا - كشيء واحد .
قوله عليه السلام : فجعلهما في حوزة خشناء ، أي في جهة صعبة المرام ، شديدة الشكيمة . والكلم : الجرح .
وقوله : يغلظ ، من الناس من قال : كيف قال : يغلظ كلمها ، والكلم لا يوصف بالغلظ ! وهذا قلة فهم بالفصاحة ، ألا ترى كيف قد وصف الله سبحانه العذاب بالغلظ ، فقال : ' ونجيناهم من عذاب غليظ ' أي متضاعف ، لأن الغليظ من الأجسام هو ما كثف وجسم ، فكان أجزاؤه وجواهره متضاعفة ، فلما كان العذاب - أعاذنا الله منه - متضاعفا ، سمي غليظا ؛ وكذلك الجرح إذا أمعن وعمق ، فكأنه قد تضاعف وصار جروحا ، فسمي غليظا .
إن قيل : قد قال عليه السلام : في حوزة خشناء ، فوصفها بالخشونة ، فكيف أعاد ذكر الخشونة ثانية فقال ، يخشن مسها ! قيل : الاعتبار مختلف ؛ لأن مراده بقوله : في حوزة خشناء ، أي لا ينال ما عندها ولا يرام ، قال : إن فلانا لخشن الجانب ووعر الجانب ، ومراده بقوله : يخشن مسها ، أي تؤذي وتضر وتنكئ من يمسها ؛ يصف جفاء أخلاق الوالي المذكور ونفور طبعه وشدة بادرته .
قوله عليه السلام : ويكثر العثار فيها والاعتذار منها ، يقول : ليست هذه الجهة جددا مهيعا ، بل هي كطريق كثير الحجارة ، لا يزال الماشي فيه عاثرا .
Page 107