Commentaire sur le Nahj al-Balagha
شرح نهج البلاغة
Enquêteur
محمد عبد الكريم النمري
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Édition
الأولى
Année de publication
1418 AH
Lieu d'édition
بيروت
الشرح : ليستفيئه إلى طاعته ، أي يسترجعه ، فاء أي رجع ، ومنه سمي الفيء للظل بعد الزوال . وجاء في رواية : فإنك إن تلقه تلفه ، أي تجده ، ألفيته على كذا ، أي وجدته .
وعاقصا قرنه ، أي قد عطفه ؛ تيس أعقص ، أي قد التوى قرناه على أذنيه ، والفعل فيه عقص الثور قرنه ، بالفتح .
وقال القطب الرواني : عقص ، بالكسر ، وليس بصحيح ، وإنما يقال : عقص الرجل ، بالكسر ، إذا شح وساء خلقه ، فهو عقص .
وقوله : يركب الصعب ، أي يستهين بالمستصعب من الأمور ، يصفه بشراسة الخلق والبأو ، وكذلك كان طلحة ، وقد وصفه عمر بذلك . ويقال : إن طلحة أحدث يوم أحد عنده كبرا شديدا لم يكن ، وذاك لأنه أغنى في ذلك اليوم ، وأبلى بلاء حسنا .
والعريكة ههنا : الطبيعة ، يقال : لين العريكة ، إذا كان سلسا .
وقال الراوندي : العريكة بقية السنام ؛ ولقد صدق ، ولكن ليس لهذا موضع ذاك .
وقوله عليه السلام لابن عباس : قل له يقول لك ابن خالك ، لطيف جدا ، وهو من باب الاستمالة والإذكار بالنسب والرحم ، ألا ترى أن له في القلب من الموقع الداعي إلى الانقياد ما ليس لقوله : يقول لك أمير المؤمنين ! ومن هذا الباب قوله تعالى في ذكر موسى وهارون : ' وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يتقلونني فلا تشمت بي الأعداء ' ، لما رأى هارون غضب موسى واحتدامه ، شرع معه في الاستمالة والملاطفة ، فقل له : ' ابن أم ' ، وأذكره حق الأخوة ، وذلك أدعى إلى عطفه عليه من أن يقول له : يا موسى ، أو يا أيها النبي .
فأما قوله : فما عدا مما بدا ، فعدا بمعنى صرف ؛ قال الشاعر :
وإني عداني أن أزورك محكم . . . متى ما أحرك فيه ساقي يصخب
و من ههنا بمعنى عن ؛ وقد جاءت في كثير من كلامهم كذلك ، قال ابن قتيبة في أدب الكاتب : قالوا : حدثني فلان بن فلان ، أي عن فلان ، ولهيت عن كذا ، أي عنه ، ويصير ترتيب الكلام وتقديره : فما صرفك عما بدا منك ! أي ظهر ، والمعنى : ما الذي صدك عن طاعتي بعد إظهارك لها ! وحذف الضمير المفعول المنصوب كثير جدا ، كقوله تعالى : ' واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ' ، أي أرسلناه ، ولا بد من تقديره ، كي لا يبقى الموصول بلا عائد .
Page 97