Commentaire sur le Nahj al-Balagha
شرح نهج البلاغة
Chercheur
محمد عبد الكريم النمري
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1418 AH
Lieu d'édition
بيروت
لما تقاعس محمد يوم الجمل عن الحملة ، وحمل علي عليه السلام بالراية ، فضعضع أركان عسكر الجمل ، دفع إليه الراية ، وقال : امح الأولى بالأخرى ، وهذه الأنصار معك . وضم إليه خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين ، في جمع من الأنصار ، كثير منهم من أهل بدر ، فحمل حملات كثيرة ، أزال بها القوم عن مواقفهم وأبلى بلاء حسنا . فقال خزيمة بن ثابت لعلي عليه السلام : أما إنه لو كان غير محمد اليوم لافتضح ، ولئن كنت خفت عليه الحين وهو بينك وبين حمزة وجعفر لما خفناه عليه ، وإن كنت أردت أن تعلمه الطعان فطالما علمته الرجال .
وقالت الأنصار : يا أمير المؤمنين ، لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين لما قدمنا على محمد أحدا من العرب . فقال علي عليه السلام : أين النجم من الشمس والقمر ! أما إنه قد أغنى وأبلى ، وله فضله ، ولا ينقص فضل صاحبيه عليه ، وحسب صاحبكم ما انتهت به نعمة الله تعالى إليه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا والله لا نجعله كالحسن والحسين ، ولا نظلمهما له ، ولا نظلمه - لفضلهما عليه - حقه ، فقال علي عليه السلام : أين يقع ابني من ابني رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال خزيمة بن ثابت فيه :
محمد ما في عودك اليوم وصمة . . . ولا كنت في الحرب الضروس معردا
أبوك الذي لم يركب الخيل مثله . . . علي ، وسماك النبي محمدا
فلو كان حقا من أبيك خليفة . . . لكنت ، ولكن ذاك ما لا يرى بدا
وأنت بحمد الله أطول غالب . . . لسانا ، وأنداها بمال ملكت يدا
وأقربها من كل خير تريده . . . قريش وأوفاها بما قال موعدا
وأطعنهم صدر الكمي برمحه . . . وأكساهم للهام عضبا مهندا
سوى أخويك السيدين ، كلاهما . . . إمام الورى والداعيان إلى الهدى
أبى الله أن يعطي مقعدا . . . من الأرض أو في الأوج مرقى ومصعدا
ومن كلام له لما أظفره الله بأصحاب الجمل
وقد قال له بعض أصحابه : وددت أن أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك الله به على أعدائك ، فقال علي عليه السلام : الأصل : أهوى أخيك معنا . فقال : نعم ، قال : فقد شهدنا في عسكرنا هذا قوم في أصلاب الرجال ، وأرحام النساء ، سيرعف بهم الزمان ، ويقوى بهم الإيمان .
الشرح : يرعف بهم الزمان : يوجدهم ويخرجهم ، كما يرعف الإنسان بالدم الذي يخرجه من أنفه ، قال الشاعر :
وما رعف الزمان بمثل عمرو . . . ولا تلد النساء له ضريبا
والمعنى مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان ولم يكن شهد بدرا ، تخلف على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مرضت مرض موتها - : ' لقد كنت شاهدا وإن كنت غائبا ، لك أجرك وسهمك ' .
Page 151