Explication des Difficultés de la Poésie d'Al-Mutanabbi
شرح المشكل من شعر المتنبي
) بغزمٍ يسيرُ الجسمُ في السرجِ راكبًا ... به ويسيرُ القلبُ في الجسم ماشيا (
اي أن الجسم - وإن سار راكبًا - فإن القلب يسير فيه ماشيًا لتوقره فإنه لايُعفه مشي الراحلة والفرس، جريًاَ إلى إدراك مرغوبه، والظفر بطلوبه.
) فجاءت بنا إنسان عن زمانهِ ... وخلت بياضًا خلفها ومآقيا (
أشرف ما في العين إنسانها، لان حسن النظر إنما هو به. وكذلك كافور لزمانه. مالإنسان للعينز اي أنه أشرف بني دهره. وأعلى عامرٍ في عصرهز وإنما الملوك غيرُه لعين درهم كالبياض والمآقي. وحسن ذلك أن كافورًا أسود، فقد شاكل سواد العين، وغيره من الملوك الذين خلفهم المتنبي وراءه بيض، فقد شاكل البياض والمآقي، وهذا وإن كان قد أجاد في مدح كافور، فقد عرض بسواه. وقلما مر له فيه غريب بيت: إلا قد جمع مدحًا وتعريضًا؛ ولذلك قال فيه بعد صده عنه:
وشعرِ مدحت به الكَركَدَ ... ن بين القريض الرُّقي
ولو قال هذا البيت في رجل أبيض، أعنى) فجاءت بنا (، ولكن مدحا لا يجارى، وتعريضًا لا يُبارى، وإنما نقص عن غاية المدح، لتعريضه بسواده ولكن هذا البيت في الأسود أشد تحققًا منه في الأبيض لانه في الأسود يحوي الطبيعة واللون، وفي الأبيض ينفرد بما طُبع دون اللون. فتفهمه.
) لقيتُ المرورى والشناخيبَ دُونه ... وجُبتُ هجيرًا يترك الماء صاديا (
بالغ في صفة حر الهجير، بتركه الماء صاديًا، لان الماء لا يصدى بل هو مُزيل للصدى ولو قيل إن إصداءه للماء، إيباسهُ له، وتنضيبه إياه، لان الصديان ذابل عما عليه الريان، من النضارة والغضارة، لكان وجها.
) إذا كَسب الناسُ المعالي بالندى ... فإنك تُعطي في نداكَ المعالياَ (
المعالي على ضربين: طبيعي، ومُقتنى. فأما الطبيعي فالفضائل النفسانية: كالشجاعة والكرم والفهم والعفة، وهذا لا يمكن أن يُوهب البتة، لقوله هو فيه: ولو جاز أن يحوُوا عُلاك وهبتها ولكن من الأشياء ماليس يُوهبُ يعني الخصال الذاتية، وخلال الفضل النفسانية.
وأما المُقتنى فنحو المال والجاه والثروة، فإن هذا الإمكان أن يُوهب. يقول له: إذا كان قصارى أفاضل الناس اكتساب المعالي بالندى، فإنك أنت تعطي المعالي في نداك، فُتولى البلاد، وتكسب الأجناد.
وإن شئت قلت: إن عطايك تُشرفُ المُعطين، فتفضى بهم إلى المعالي، وما كان سببًا للمعلاة فهو معلاة.
وقد ينقلب هذا المعنى على ما قدمناه، كأنه يريد؛ إنك لا تحسن المعالي إذ لا مادة لك تربيها وتُنميها بصنعة جوهرك، ورداءة عنصرك، حتى إذا هُيئ لك منها شيء، وقاربت ملكه والاشتمال عليه، انصرفت عنه، وسلمته إلى غيرك.
) إذا النهدُ سؤتْ بين سيفي كريهةٍ ... فسيفُك في كف تُزيلُ التساويا (
اي إذا سوي أهل الهند بين سيفين، طبعًا، وصقلًا، واستجادة عُنصر، فإن السيف الذي يقع منهما بكفك، فتضربُ به، يكون أمضى من صاحبه الذي تضرب به كفُّ غيرك، لان كفك أقوى الأ كف، فقد أزالت كفُّك التساوي بين السيفين اللذين سوت الهند بينهما.
وقال) في كف (، فأ فاد، وإن كان نكرة لانه قد عُلم أنه لا يعني من الأكف إلا كفة، كقولك مررت برجل حسن وجهُه.) والكريهة (الشدة المكروهة. وهذا البيت نحو قوله فيه ايضًا:
إذا ضربت كفاك بالسيف في الوغى ... تَبَينتَ أن السيف بالكف يضربُ
وقال ايضا:
) من الجآذرُ في زي الأعاريبِ ... حُمر الحلي والمطايا والجلاَبيب (
ألحقهن بنوع الجآذر، وحق ذلك إغرابًا ومبالغة، وتجوز بكونهم أعاريب، فغزاهم إلى زيهم لا إليهم، والحٌمرةِ في الحلي، واللباس، والأينقِ حُمر الألون، فخصهم بها من بين سائره.
) لاتجزني بضني بي بعدها بقرٌ ... تجزي دُمُوعي مسكُوبًا بسكُوبِ (
يعني بالبقر: احبابه. يقول: بَكَين كما بكيتُ، فسكين من الدمع مثل ما سكبت مكافأة، فإذا جَزَينني بُبكائي، فلا جزينني بضناي ونحولي، اي لاضنين كما ضنيت، يدعو لهن، فهذا الأسبق والأليق.
وإن شئت قلت: إن حُبهن فد أضى جسدي، وأقنى جسدي، وأسقم وأهرم، فلم يبق في موضع لحبهن إياي. فإذا كان ذلك، لم تضن النساء عشقًا، وإن نظرن إلي فبكين، فإنما يبكين رحمة لي لا عشقًا، فيكون لفظه على هذا لفظ الدعاء، ومعناه الخبر. كأنه قال في المعنى: لس يجزينني.
1 / 84