شرح مقدمة التفسير لصالح آل الشيخ
شرح مقدمة التفسير لصالح آل الشيخ
Genres
الدرس السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
[المتن]
وَمَنْ قَالَ: لَا رَيْبَ لَا شَكَّ. فَهَذَا تَقْرِيبٌ، وَإِلَّا فَالرَّيْبُ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَحَرَكَةٌ، كَمَا قَالَ: «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» . وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ: مَرَّ بِظَبْيٍ حَاقِفٍ. فَقَالَ: «لَا يَرِيبُهُ أَحَدٌ»، فَكَمَا أَنَّ الْيَقِينَ ضُمِّنَ السُّكُونَ وَالطُّمَأْنِينَةَ فَالرَّيْبُ ضِدُّهُ ضُمِّنَ الِاضْطِرَابَ وَالْحَرَكَةَ.
وَلَفْظُ (الشَّكِّ) وَإِنْ قِيل: إنَّهُ يَسْتَلْزِمُ هَذَا الْمَعْنَى; لَكِنَّ لَفْظَهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. (١)
وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: ذَلِكَ الْكِتَابُ هَذَا الْقُرْآنُ فَهَذَا تَقْرِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَالْإِشَارَةُ بِجِهَةِ الْحُضُورِ غَيْرُ الْإِشَارَةِ بِجِهَةِ الْبُعْدِ وَالْغَيْبَةِ، وَلَفْظُ (الْكِتَابِ) يَتَضَمَّنُ مِنْ كَوْنِهِ مَكْتُوبًا مَضْمُومًا مَا لَا يَتَضَمَّنُهُ لَفْظُ (الْقُرْآنِ) مِنْ كَوْنِهِ مَقْرُوءًا مُظْهَرًا بَادِيًا.
فَهَذِهِ الْفُرُوقُ مَوْجُودَةٌ فِي الْقُرْآنِ، فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ: ﴿أَنْ تُبْسَلَ﴾ [الأنعام: ٧٠]، أَيْ تُحْبَسَ وَقَالَ الْآخَرُ: تُرْتَهَنَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. لَمْ يَكُنْ مِنْ اخْتِلَافِ التَّضَادِّ وَإِنْ كَانَ الْمَحْبُوسُ قَدْ يَكُونُ مُرْتَهَنًا وَقَدْ لَا يَكُونُ إذْ هَذَا تَقْرِيبٌ لِلْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ.
(١) انتهى الشريط الثاني.
6 / 1