312

Commentaire abrégé du jardin

شرح مختصر الروضة

Enquêteur

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُ، عَلَى مَا حَكَاهُ الْآمِدِيُّ «خِلَافًا لِلْأَكْثَرِينَ» فِي صِحَّةِ ذَلِكَ.
«وَقِيلَ: يَسْقُطُ الْفَرْضُ عِنْدَهَا» أَيْ: عِنْدَ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ «لَا بِهَا»، وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، لِأَنَّهُ لَمَّا قَامَ الدَّلِيلُ عِنْدَهُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ بِمَا سَنُقَرِّرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ أَلْزَمَهُ الْخَصْمُ إِجْمَاعَ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَأْمُرُوا الظَّلَمَةَ بِإِعَادَةِ الصَّلَوَاتِ، مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِهَا مِنْهُمْ فِي أَمَاكِنِ الْغَصْبِ، فَأَشْكَلَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ، فَحَاوَلَ الْخَلَاصَ بِهَذَا التَّوَسُّطِ، فَقَالَ: يَسْقُطُ الْفَرْضُ عِنْدَ هَذِهِ الصَّلَاةِ لِلْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ لَا بِهَا، لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهَا.
قُلْتُ: وَكَأَنَّهُ جَعَلَهَا سَبَبًا لِسُقُوطِ الْفَرْضِ، أَوْ أَمَارَةً عَلَيْهِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا عِلَّةً لِسُقُوطِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي صِحَّتِهَا.
قُلْتُ: وَهَذَا مَسْلَكٌ ظَاهِرُ الضَّعْفِ، لِأَنَّ سُقُوطَ الْفَرْضِ بِدُونِ أَدَائِهِ شَرْعًا غَيْرُ مَعْهُودٍ، بَلْ لَوْ مَنَعَ الْإِجْمَاعَ الْمَذْكُورَ لَكَانَ أَيْسَرَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَبْعُدُ عَلَى الْخَصْمِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ ظَالِمًا فِي زَمَنِ السَّلَفِ صَلَّى فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ وَعَلِمَ بِهِ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الظَّلَمَةِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ، وَلَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمْ أَقَرُّوا الظَّلَمَةَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَأْمُرُوهُمْ بِالْإِعَادَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ نَقْلِ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُودِهِ، لِجَوَازِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ وُجِدَ وَلَمْ يُنْقَلْ، لِاسْتِيلَاءِ الظَّلَمَةِ وَسَطْوَتِهِمْ، أَوْ كَوْنِ الْحُكْمِ لَيْسَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِ الْإِنْكَارِ فِيهِ، وَأَحْسَبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ادَّعَوُا الْإِجْمَاعَ الْمَذْكُورَ بَنَوْهُ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنَّ مَعَ كَثْرَةِ الظَّلَمَةِ فِي تِلْكَ الْأَعْصَارِ عَادَةً لَا يَخْلُو مِنْ إِيقَاعِ صَلَاةٍ فِي مَكَانٍ غُصِبَ مِنْ بَعْضِهِمْ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ السَّلَفَ يَمْتَنِعُ عَادَةً وَشَرْعًا تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى تَرْكِ الْإِنْكَارِ وَالْأَمْرِ

1 / 363