. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرَّأْسِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْقَرَافِيُّ: لَيْسَ كُلُّ وَاجِبٍ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَلَا كُلُّ مُحَرَّمٍ يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَكَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالدَّوَابِّ، وَرَدِّ الْغُصُوبِ وَالْوَدَائِعِ وَالدُّيُونِ وَالْعَوَارِي، فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَإِذَا فَعَلَهَا الْإِنْسَانُ غَافِلًا عَنِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا وَقَعَتْ وَاجِبَةً، مُجْزِئَةً، مُبْرِئَةً، وَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ عَنْ عُهْدَتِهَا بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ، فَضْلًا عَنِ الْقَصْدِ إِلَيْهَا، حَتَّى يَنْوِيَ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا، فَلَا ثَوَابَ حِينَئِذٍ. نَعَمْ مَتَى اقْتَرَنَ قَصْدُ الِامْتِثَالِ فِي الْجَمِيعِ حَصَلَ الثَّوَابُ.
قُلْتُ: هَذَا الْكَلَامُ مُوهِمٌ، بَلْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ، وَالْآخَرُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ. وَكَذَلِكَ الْحَرَامُ ضَرْبَانِ: مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِهِ الثَّوَابُ، وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِنْدِي فِي هَذَا نَظَرٌ.
بَلِ التَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ: الْوَاجِبُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ جَزْمًا، وَشَرْطُ تَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ بِفِعْلِهِ، وَالْحَرَامُ هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ جَزْمًا، وَشَرْطُ تَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَى تَرْكِهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ بِهِ، فَتَرَتُّبُ الثَّوَابِ وَعَدَمُهُ فِي فِعْلِ الْوَاجِبِ وَتَرْكِ الْحَرَامِ وَعَدَمِهِمَا رَاجِعٌ إِلَى وُجُودِ شَرْطِ الثَّوَابِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ النِّيَّةُ، لَا إِلَى انْقِسَامِ الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ فِي نَفْسِهِمَا.