293

Commentaire abrégé du jardin

شرح مختصر الروضة

Enquêteur

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِوَاجِبٍ مُتَنَاقِضٌ.
قُلْتُ: وَلَا تَنَاقُضَ فِيهِ، وَإِنَّمَا تَابَعَ فِيهِ أَبَا حَامِدٍ ﵄.
وَبَيَانُ عَدَمِ التَّنَاقُضِ فِيهِ: هُوَ أَنَّ مَوْضُوعَ إِثْبَاتِ الْوُجُوبِ وَنَفْيِهِ فِي الْعِبَارَةِ لَيْسَ مُتَّحِدًا، بَلْ مُتَعَدِّدًا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ التَّنَاقُضُ لَوْ كَانَ مُتَّحِدًا، كَقَوْلِنَا: يَجِبُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، أَوْ يَجِبُ التَّوَصُّلُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَبَيَانُ تَعَدُّدِ مَوْضُوعِ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ قَوْلُنَا: يَجِبُ مَوْضُوعُهُ، أَيِ: التَّوَصُّلُ، فَهُوَ مُسْنَدٌ إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ لَهُ.
وَقَوْلُنَا بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ مَوْضُوعُهُ الَّذِي سُلِبَ عَنْهُ هُوَ «مَا» الَّتِي بِمَعْنَى الَّذِي.
وَتَقْدِيرُهُ بِالْمِثَالِ: يَجِبُ التَّوَصُّلُ إِلَى غَسْلِ الْوَجْهِ الْوَاجِبِ بِغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ، فَمَا صَارَ قَوْلُهُ يَجِبُ التَّوَصُّلُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، كَقَوْلِهِ: يَجِبُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ حَتَّى يَكُونَ مُتَنَاقِضًا، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْعِبَارَتَيْنِ سَوَاءٌ، لَكِنَّ قَوْلَنَا: يَجِبُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ مُتَنَاقِضًا، لِأَنَّ شَرْطَ التَّنَاقُضِ اتِّحَادُ الْجِهَةِ، وَهِيَ هَاهُنَا غَيْرُ مُتَّحِدَةٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ: يَجِبُ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّفِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالنَّظَرِ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا شَرَحْنَاهُ.
وَثَبَتَ بِهَذَا، أَنَّ قَوْلَنَا: مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَاجِبٌ، وَقَوْلَنَا: التَّوَصُّلُ إِلَى الْوَاجِبِ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، سَوَاءٌ، لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي مَقْصُودِ هَذَا الْبَابِ. وَإِنَّمَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ تَنَاقُضٌ لَفْظِيٌّ، لِكَوْنِهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى إِثْبَاتِ لَفْظِ الْوُجُوبِ وَنَفْيِهِ، مَعَ اخْتِلَافِ مَحَلِّهِ، فَظَنَّاهُ تَنَاقُضًا مَعْنَوِيًّا، أَوْ لَعَلَّهُمَا كَرِهَا التَّنَاقُضَ اللَّفْظِيَّ فَعَدَلَا عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

1 / 344