203

Commentaire abrégé du jardin

شرح مختصر الروضة

Chercheur

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْحُكْمِ، وَالشَّكُّ، هُوَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ جَزْمٌ لَا شَكٌّ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ لِـ «أَوْ» مَعَانٍ، فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، وَالْمُشْتَرَكَاتُ لَا تَصْلُحُ فِي الْحُدُودِ لِإِجْمَالِهَا.
قُلْنَا: لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاشْتِرَاكِ الْإِجْمَالُ، لِجَوَازِ تَعْيِينِ الْمُرَادِ بِقَرِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَيَزُولُ الْإِجْمَالُ، فَيَجُوزُ، وَقَدْ سَبَقَ هَذَا وَنَحْوُهُ عِنْدَ تَعْرِيفِ الْأَصْلِ: بِـ: مِنْهُ الشَّيْءُ.
قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: أَوِ الْوَضْعِ» أَيْ: قَالَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ: الْحُكْمُ خِطَابُ اللَّهِ، الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، بِالِاقْتِضَاءِ، أَوِ التَّخْيِيرِ، أَوِ الْوَضْعِ. وَأَرَادَ بِذَلِكَ دُخُولَ الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ بِأَسْبَابٍ وَضْعِيَّةٍ، وَهُوَ الْمُسَمَّى خِطَابُ الْوَضْعِ وَالْإِخْبَارِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَذَلِكَ نَحْوُ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ، وَقَضَاءِ الْعِبَادَةِ وَأَدَائِهَا، وَنَصْبُ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ عَلَامَاتٌ عَلَى أَحْكَامِهَا، فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ خِطَابًا اقْتِضَاءً وَلَا تَخْيِيرًا، فَإِذَا قِيلَ: أَوِ الْوَضْعِ، دَخَلَتْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ فِي الْحَدِّ الْمَذْكُورِ فَكَمُلَ، وَالْعُذْرُ لِمَنْ لَمْ يَقُلْ: أَوِ الْوَضْعِ، هُوَ أَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ ضَرْبَانِ: خِطَابِيٌّ، أَيْ: ثَابِتٌ بِالْخِطَابِ، وَوَضْعِيٌّ إِخْبَارِيٌّ، أَيْ: ثَابِتٌ بِالْوَضْعِ وَالْإِخْبَارِ، وَغَرَضُهُ بِالتَّعْرِيفِ هَاهُنَا الْحُكْمُ الْخِطَابِيُّ لَا الْوَضْعِيُّ، إِذْ ذَلِكَ يُعْقَدُ لَهُ بَابٌ مُسْتَقِلٌّ يُذْكَرُ فِيهِ.
وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا: أَنَّ أَحَدَهُمَا يُرِيدُ تَعْرِيفَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ الْخِطَابِيُّ. أَمَّا الْوَضْعِيُّ، فَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، لِضَرُورَةٍ قَدْ بَيَّنَّاهَا عِنْدَ ذِكْرِ خِطَابِ الْوَضْعِ. وَلِذَلِكَ قُلْنَا فِيمَا سَبَقَ: إِنَّ الْأَحْكَامَ السَّبَبِيَّةَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.

1 / 254