161

Commentaire abrégé du jardin

شرح مختصر الروضة

Chercheur

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْجَوَابِ، أَيْ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَكْلِيفَهُمْ بِالْفُرُوعِ غَيْرُ مُفِيدٍ، بَلْ فَائِدَتُهُ عِقَابُهُمْ عَلَى تَرْكِهَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَيُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ بِالتَّخْلِيدِ، وَعَلَى تَرْكِ فُرُوعِهِ بِالتَّضْعِيفِ، وَهُوَ زِيَادَةُ كَمِّيَّةِ الْعَذَابِ أَضْعَافًا يَسْتَحِقُّونَهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ صَرَّحَ النَّصُّ بِذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [فُصِّلَتْ: ٦ - ٧]، وَقَوْلُهُ ﷾ حِكَايَةً عَنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ: ﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ ﴿عَنِ الْمُجْرِمِينَ﴾ ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ ﴿وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: ٤٠ - ٤٥]- وَهَذِهِ كُلُّهَا فُرُوعٌ - ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: ٤٦]، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بِتَرْكِهِ وَالْجَزْمِ بِضِدِّهِ يَكُونُ الْإِيمَانُ. وَقَوْلُهُ ﷾: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الْفُرْقَانِ: ٦٨ - ٦٩] .
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ النُّصُوصِ، أَنَّهُ رَتَّبَ الْوَعِيدَ فِيهَا عَلَى مَجْمُوعِ تَرْكِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، فَكَانَتِ الْفُرُوعُ جُزْءًا مِنْ سَبَبِ الْوَعِيدِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِهَا، فَإِنْ قِيلَ: الْمُسْتَقِلُّ بِالْوَعِيدِ فِي هَذِهِ النُّصُوصِ هُوَ الْكُفْرُ وَحْدَهُ، بِدَلِيلِ اسْتِقْلَالِهِ بِالتَّخْلِيدِ.
فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا نُسَلِّمُ اسْتِقْلَالَهُ بِالْوَعِيدِ، وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، بَلِ الْوَعِيدُ عَلَى الْمَجْمُوعِ، لِأَنَّ الْفُرُوعَ فِي النُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ، مَعْطُوفَةٌ بِالْوَاوِ وَهِيَ لِلْجَمْعِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: وَيْلٌ لِمَنْ وُجِدَ مِنْهُ مَجْمُوعُ الْإِشْرَاكِ وَمَنَعَ الزَّكَاةَ. وَلَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُثْبِتُوا اسْتِقْلَالَ الْكُفْرِ بِالتَّخْلِيدِ، وَإِنْ كُنَّا نُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ، لِأَنَّكُمْ لَوْ فَرَضْتُمْ كَافِرًا أَتَى فِي حَالِ كُفْرِهِ بِجَمِيعِ الْفُرُوعِ [لَمْ يُقْبَلْ] مِنْهُ مَعَ كُفْرِهِ، وَإِنَّمَا كُلِّفَ بِهَا بِشَرْطِ

1 / 212