القاذورات واجب تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وإلا فتكثر الوجودات وكون الوجود المطلق مفهوما كليا لا تحقق له إلا في الذهن ضروري وما توهموا من احتياج الخاص إلى العام باطل بل الأمر بالعكس إذ لا تحقق للعام إلا في ضمن الخاص نعم إذا كان العام ذاتيا للخاص يفتقر هو إليه في تعقله وأما إذا كان عارضا فلا وما ذكروا من أنه لو ارتفع لارتفع كل وجود حتى الواجب فيمتنع ارتفاعه أي عدمه فيكون واجبا فمغالطة وإنما يلزم الوجوب لو كان امتناع العدم لذاته وهو ممنوع بل لأن ارتفاعه بالكلية يستلزم ارتفاع بعض أفراده الذي هو الواجب كسائر لوازم الواجب مثل الماهية والعلية والقابلية وغير ذلك فإن قيل بل يمتنع لذاته لامتناع اتصاف الشيء بنقيضه قلنا الممتنع اتصاف الشيء بنقيضه بمعنى حمله عليه بالمواطأة مثل قولنا الوجود عدم لا بالاشتقاق مثل قولنا الوجود معدوم كيف وقد اتفق الحكماء على أن الوجود المطلق من المعقولات الثانية والأمور الاعتبارية التي لا تحقق لها في الأعيان ثم ادعى القائلون بكون الواجب هو الوجود المطلق أن في مواضع من كلام الحكماء رمزا إلى هذا المعنى منها قولهم الواجب هو الوجود البحت والوجود بشرط لا أي الوجود الصرف الذي لا تقييد فيه أصلا ومنها قولهم الوجود خير محض لأن الشر في نفسه إنما هو عدم وجود أو عدم كمال الموجود من حيث أن ذلك العدم غير لائق به أو غير مؤثر عنده فالوجود بالقياس إلى الشيء العادم كماله قد يكون شرا لكن لا لذاته بل لكونه مؤديا إلى ذلك العدم فحيث لا عدم لا شر قطعا فالوجود البحت خير محض ومنها قولهم الوجود لا يعقل له ضد ولا مثل أما الضد فلأنه يقال عند الجمهور لموجود مساو في القوة لموجود آخر ممانع له والوجود وإن فرضنا كونه موجودا بمعنى المعروضية للوجود فلا يتصور أن يمانعه شيء من الموجودات وعند الخاص لما شارك شيئا آخر في الموضوع مع امتناع اجتماعهما فيه والموضوع هو المحل المستغنى في قوامه عن الحال ولا يتصور ذلك للوجود إذ لا تقوم لشيء بدونه ولو سلم فلا يتصور وجودي يعاقبه ولا يجامعه ومنها قولهم الوجود ليس له جنس ولا فصل لأنه بسيط لا جزء له عينا ولا ذهنا وإلا لزم تقدمه على نفسه ضرورة تقدم وجود الجزء على وجود الكل في الخارج إن كان التركب خارجيا وفي الذهن إن كان ذهنيا ولأن جزءه إن كان وجودا أو موجودا لزم تقدم الشيء على نفسه وإن كان عدما أو معدوما لزم تقدم الشيء بنقيضه ولأن الجنس يجب أن يكون أعم ولا أعم من الوجود إذ ما من شيء إلا وله وجود وفي بعض المقدمات ضعف لا يخفى ولو سلم فغاية الأمر اتصاف كل من الوجود والواجب بهذه المعاني ولا إنتاج عن الموجبتين في الشكل الثاني وتحقيقه أن لزوم هذه الأمور للوجود لا يوجب كونه الواجب مالم نتبين مساواتها للملزوم ثم القول بكون الواجب هو الوجود المطلق ينافي تصريحهم بأمور منها أن الوجود المطلق من المحمولات
Page 74