ناعت بالماهية لا بحسب الخارج بأن يقوم الوجود بالماهية قيام البياض بالجسم وتلزم المحالات وإما تفصيلا فعن الأول أن قيامه بالماهية من حيث هي هي لا بالماهية المعدومة ليلزم التناقض ولا بالماهية الموجودة ليلزم الدور أو التسلسل فإن قيل إن أريد بالماهية من حيث هي هي مالا يكون الوجود أو العدم نفسها ولا جزأ منها على ما قيل فغير مفيد لأن العروض كاف في لزوم المحالات وإن أريد مالا يكون موجودا ولا معدوما لا بالعروض ولا بغيره فالتناقض فيه أظهر لأن اللاوجود نقيض الوجود بلا نزاع ولا اشتباه قلنا المراد مالا يعتبر فيه الوجود ولا العدم وإن كان لا ينفك عن أحدهما في الخارج فإن قيل عدم الانفكاك عن أحدهما كاف في لزوم المحال لأنه إن قارن العدم فيناقض أو الوجود فيدور أو يتسلسل قلنا قيام الوجود بالماهية أمر عقلي ليس كقيام البياض بالجسم ليلزم تقدمها عليه بالوجود تقدما ذاتيا أو زمانيا فتلزم المحالات بل غاية الأمر أنه يلزم تقدمها عليه بالوجود العقلي ولا استحالة فيه لجواز أن تلاحظ وحدها من غير ملاحظة وجود خارجي أو ذهني ويكون لها وجود ذهني لا بملاحظة العقل فإن عدم الاعتبار غير اعتبار العدم وإن اعتبر العقل وجودها الذهني لم يلزم التسلسل بل ينقطع بانقطاع الاعتبار وأما القائلون بنفي الوجود الذهني فجوابهم الاقتصار على منع لزوم تقدم المعروض على العارض بالوجود على الإطلاق وإنما ذلك في عوارض الوجود دون عوارض الماهية وعن الثاني أنا نختار أن الوجود موجود ولانم لزوم التسلسل وإنما يلزم لو كان وجوده أيضا زائدا عليه وليس كذلك بل وجوده عينه وإنما النزاع في غيره والأدلة إنما قامت عليه وتحقيق ذلك أنه لما كان تحقق كل شيء بالوجود فبالضرورة يكون تحققه بنفسه من غير احتياج إلى وجود آخر يقوم به كما أنه لما كان التقدم والتأخر فيما بين الأشياء بالزمان كانا فيما بين أجزائه بالذات من غير افتقار إلى زمان آخر فإن قيل فيكون كل وجود واجبا إذ لا معنى له سوى ما يكون تحققه بنفسه قلنا ممنوع فإن معنى وجود الواجب بنفسه أنه مقتضى ذاته من غير احتياج إلى فاعل ومعنى تحقق الوجود بنفسه أنه إذا حصل للشيء إما من ذاته كما في الواجب أو من غيره كما في الممكن لم يفتقر تحققه إلى وجود آخر يقوم به بخلاف الإنسان فإنه إنما يتحقق بعد تأثير الفاعل بوجود يقوم به عقلا على أن في قولنا تحقق الأشياء بالوجود تسامحا في العبارة أو الوجود نفس تحقق الأشياء لا ما به تحققها والمعنى أن تحقق الأشياء يكون عند قيام الوجود بها عقلا واتحادها به هوية أو نختار أن الوجود معدوم ولا يلزم منه اتصاف الشيء بنقيضه بمعنى صدقه عليه لأن نقيض الوجود هو العدم واللاوجود لا المعدوم ولا اللاموجود فغاية الأمر أنه يلزم أن الوجود ليس بذي وجود كما أن السواد ليس بذي سواد والأمر كذلك ولا يلزم أيضا أن يتحقق في المحل ما لا تحقق له في نفسه لما عرفت من أن قيام الوجود بالماهية ليس بحسب الخارج كقيام البياض بالجسم
Page 69