335

Explication des objectifs en science de la parole

شرح المقاصد في علم الكلام

Maison d'édition

دار المعارف النعمانية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1401هـ - 1981م

Lieu d'édition

باكستان

الثالث أن الأصل الذي يقلد فيه إن كان باطلا فتقليده باطل بالاتفاق كتقليد اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان أسلافهم وإن كان حقا فحقيته إما أن يعلم بالتقليد فدور أو بالدليل فتناقض ورد بأن الكلام فيما علم حقيته بالدليل كالأحكام التي علم بالضرورة كونها من دين الإسلام أن من اعتقدها تقليد أهل يكون مؤمنا يجري عليه أحكام المؤمنين في الدنيا والآخرة وإن كان عاصيا بتركه النظر والاستدلال وأما ما يقال أن القول بجواز التقليد إن لم يكن عن دليل فباطل وإن كان فتناقض فمغالطة ظاهرة لا يقال المقصود أن التقليد لا يكفي في الخروج عن عهدة الواجب فيما وجب العلم به من أصول الإسلام وبعض هذه الوجوه يفيد ذلك لأنا نقول هذا مما لا نزاع فيه ولا حاجة به إلى هذه الوجوه الضعيفة لثبوته بالنص والإجماع على وجوب النظر والاستدلال على أنه حكي عن الكعبي وابن أبي عياش وجمع آخر من المعتزلة أن من العقلاء من كلف النظر وهم أرباب النظر ومنهم من كلف التقليد والظن وهم العوام والعبيد وكثير من النسوان لعجزهم عن النظر في الأدلة وتمييزها عن الشبه لكنهم كلفوا تقليد المحق دون المبطل والظن الصائب دون الخطأ وذكر بعض المتأخرين منهم أن العاجزين كلفوا أن يسمعوا أوائل الدلائل التي تتسارع إلى الأفهام فإن فهموا أكفاهم وهم أصحاب الجمل ولا يكلفون تلخيص العبارة وإن لم يمكنهم الوقوف عليها فليسوا مكلفين أصلا وإنما خلقوا لانتفاع المكلفين بهم في الدنيا وهم كثير من العوام والعبيد والنسوان وصاحب الجمل عند المتكلمين هو الذي يعتقد الجمل التي اتفق عليها أهل الملة ولا يدخل في الاختلافات بل يعتقد أن ما وافق منها تلك الجمل فحق وما خالفها فباطل وتلك الجمل هي أن الله تعالى واحد لا شريك له ولا مثل له وأنه لم يزل قبل الزمان والمكان والعرش وكل ما خلق وأنه القديم وما سواه محدث وأنه عدل في قضائه صادق في إخباره لا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر ولا يكلفهم مالا يطيقونه وأنه مصيب حكيم محسن في جميع أفعاله وفي كل ما خلق وقضى وقدر وأنه بعث الرسل وأنزل الكتب ليتذكر من في سابق علمه أنه يتذكر ويخشى ويلزم الحجة على من علم أنه لا يؤمن ويأبى وإن الرضاء بقضائه واجب والتسليم لأمره لازم ما شاء كان ومالم يشأ لم يكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء لا كالإضلال الذي علم به الشيطان إلى غير ذلك من العقائد الإسلامية فإن قيل أكثر أهل الإسلام آخذون بالتقليد قاصرون أو مقصرون في الاستدلال ولم تزل الصحابة ومن بعدهم من الأئمة والخلفاء والعلماء يكتفون منهم بذلك ويجرون عليهم أحكام المسلمين فما وجه هذا الاختلاف وذهاب كثير من العلماء والمجتهدين إلى أنه لا صحة لإيمان المقلدين قلنا ليس الخلاف في هؤلاء الذين نشأوا في ديار الإسلام من الأمصار والقرى والصحاري وتواتر عندهم حال النبي عليه السلام وما أوتي به من المعجزات ولا في الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار فإنهم كلهم من أهل النظر والاستدلال بل فيمن نشأ على شاهق جبل مثلا ولم يتفكر في ملكوت السموات والأرض فأخبره إنسان بما يفترض عليه اعتقاده فصدقه فيما أخبره بمجرد إخباره من غير تفكر وتدبر وأما ما يحكى عن المعتزلة من أنه لا بد في صحة الإسلام من النظر والاستدلال والاقتدار على تقرير الحجج ودفع الشبهة فبطلانه يكاد يلحق بالضروريات من دين الإسلام والظاهر أن المراد أن ذلك واجب وإن صح الإيمان بدونه فإن أرادوا الواجب على الكفاية فوفاق إذ لا بد في كل صقع ممن يقوم بإقامة الحجج وإزاحة الشبه ومجادلة الخصوم وإن أرادوا الواجب على كل مكلف بحيث لا يسقط بفعل البعض ففيه الخلاف وأما المقلد فقد ذكر بعض من نظر في الكلام وسمع من الإمام أنه لا خلاف في إجراء أحكام الإسلام عليه والاختلاف في كفره راجع إلى أنه هل يعاقب عقاب الكافر فقال الكثيرون نعم لأنه جاهل بالله ورسوله ودينه والجهل بذلك كفر ومثل قوله تعالى

﴿ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا

وقوله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاتنا ودخل مسجدنا واستقبل قبلتنا فهو مسلم محمول على الإسلام في حق الأحكام وقال بعض ذوي التحقيق منهم أنه وإن كان جاهلا لكنه مصدق فيجوز أن ينتقص عقابه لذلك قال المبحث السادس الكفر عدم الإيمان عما من شأنه وهذا معنى عدم تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في بعض ما علم مجيئه به بالضرورة والظاهر أن هذا أعم من تكذيبه صلى الله عليه وسلم في شيء مما علم مجيئه به على ما ذكره الإمام الغزالي لشموله الكافر الخالي عن التصديق والتكذيب واعتذار الإمام الرازي بأن من جملة ما جاء به النبي أن تصديقه واجب في كل ما جاء به فمن لم يصدقه فقد كذبه في ذلك ضعيف لظهور المنع فإن قيل من استخف بالشرع أو الشارع أوألقى المصحف في القاذورات أو شد الزنار بالاختيار كافر إجماعا وإن كان مصدقا للنبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما جاء به وحينئذ يبطل عكس التعريفين وإن جعلت ترك المأمور به أو ارتكاب المنهي عنه علامة التكذيب وعدم التصديق بطل طردهما بغير الكفرة من الفساق قلنا لو سلم اجتماع التصديق المعتبر في الإيمان مع تلك الأمور التي هي كفر وفاقا فيجوز أن يجعل الشارع بعض محظورات الشرع علامة التكذيب فيحكم بكفر من ارتكبه وبوجود التكذيب فيه وانتفاء التصديق عنه كالاستخفاف بالشرع وشد الزنار وبعضها لا كالزنا وشرب الخمر ويتفاوت ذلك إلى متفق عليه ومختلف فيه ومنصوص عليه ومستنبط من الدليل وتفاصيله في كتب الفروع وبهذا يندفع إشكال آخر وهو أن صاحب التأويل في الأصول إما أن يجعل من المكذبين فيلزم تكفير كثير من الفرق الإسلامية كأهل البدع والأهواء بل المختلفين من الفرق الإسلامية كأهل البدع والأهواء بل المختلفين من أهل الحق وإما أن لا يجعل فيلزم عدم تكفير المنكرين لحشر الأجساد وحدوث العالم وعلم الباري بالجزئيات فإن تأويلاتهم ليست بأبعد من تأويلات أهل الحق للنصوص الظاهرة في خلاف مذهبهم وذلك لأن من النصوص ما علم قطعا من الدين أنه على ظاهره فتأويله تكذيب للنبي بخلاف البعض ثم لا يخفى أن المراد التكذيب أو عدم التصديق من المكلف ليخرج الصبي العاقل الذي لم يصدق أو صرح بالتكذيب وأما عند القائلين بصحة إيمانه وبأنه يكفر بصريح التكذيب وإن لم يكفر بترك التصديق فالمراد التكذيب ممن يصح منه الإيمان وعدم التصديق ممن يجب عليه الإيمان وقال القاضي الكفر هو الجحد بالله وربما يفسر الجحد بالجهل واعترض بعدم انعكاسه فإن كثيرا من الكفرة عارفون بالله تعالى مصدقون به غير جاحدين به وإن أريد الجحد أو الجهل أعم من أن يكون بوجوده أو وحدانيته أو شيء من صفاته وأفعاله وأحكامه لزم تكفير كثير من أهل الإسلام المخالفين في الأصول لأن الحق واحد وفاقا وأجيب بأن المراد الجحد به في شيء مما علم قطعا أنه من أحكامه أو الجهل بذلك إجمالا وتفصيلا وحينئذ يطرد وينعكس بل ربما يكون أحسن من التعريف بتكذيب النبي عليه السلام أو عدم تصديقه لشموله الكفر بالله من غير توسط النبي صلى الله عليه وسلم ككفر إبليس وقالت المعتزلة هو ارتكاب قبيح أو إخلال بواجب يستحق به أعظم العقاب ولا خفاء في أن هذا من أحكام الكفر لا ذاتياته ولا لوازمه البينة التي ينقل الذهن منها إليه ومع هذا فإن أريد أعظم العقاب على الإطلاق لم يصدق إلا على ما هو أشد أنواع الكفر وإن أريد أعظم بالنسبة إلى ما دونه صدق على كثير من المعاصي وإن أريد بالنسبة إلى الفسق وقد فسروا الفسق بما يستحق به عقوبة دون عقوبة الكفر فدورا وبالخروج من طاعة الله بكبيرة ومن الكبائر ما هو كفر فلا يتناوله التعريف وإن قيد الكبيرة بغير الكفر عاد الدور وبالجملة لا خفاء في اختلال هذا التعريف وخفائه وما قيل أن الكفر عند كل طائفة مقابل لما فسروا به الإيمان لا يستقيم على القول بالمنزلة بين المنزلتين أصلا ولا على قول السلف ظاهرا قال خاتمة قد ظهر أن الكافر اسم لمن لا إيمان له فإن أظهر الإيمان خص باسم المنافق وإن طرأ كفره بعد الإسلام خص باسم المرتد لرجوعه عن الإسلام وإن قال بإلهين أو أكثر خص باسم المشرك لإثباته الشريك في الألوهية وإن كان متدينا ببعض الأديان والكتب المنسوخة خص باسم الكتابي كاليهودي والنصراني وإن كان يقول بقدم الدهر وإسناد الحوادث إليه خص باسم الدهري وإن كان لا يثبت الباري تعالى خص باسم المعطل وإن كان مع اعترافه بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وإظهاره شعائر الإسلام ببطن عقائد هي كفر بالاتفاق خص باسم الزنديق وهو في الأصل منسوب إلى زند اسم كتاب اظهره مزدك في أيام قباد وزعم أنه تأويل كتاب المجوس الذي جاء به زرادشت الذي يزعمونه أنه نبيهم قال المبحث السابع في حكم مخالف الحق من أهل القبلة في باب الكفر والإيمان ومعناه أن الذين اتفقوا على ما هو من ضروريات الإسلام كحدوث العالم وحشر الأجساد وما أشبه ذلك واختلفوا في أصول سواها كمسألة الصفات وخلق الأعمال وعموم الإرادة وقدم الكلام وجواز الرؤية ونحو ذلك مما لا نزاع فيه أن الحق فيها واحد هل يكفر المخالف للحق بذلك الإعتقاد وبالقول به أم لا وإلا فلا نزاع في كفر أهل القبلة المواظب طول العمر على الطاعات باعتقاد قدم العالم ونفي الحشر ونفي العلم بالجزئيات ونحو ذلك وكذا بصدور شيء من موجبات الكفر عنه وأما الذي ذكرنا فذهب الشيخ الأشعري وأكثر الأصحاب إلى أنه ليس بكافر وبه يشعر ما قال الشافعي رحمه الله تعالى لا أرد شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لاستحلالهم الكذب وفي المنتقى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لم يكفر أحدا من أهل القبلة وعليه أكثر الفقهاء ومن أصحابنا من قال يكفر المخالفين وقالت قدماء المعتزلة بكفر القائلين بالصفات القديمة وبخلق الأعمال وكفر المجبرة حتى حكي عن الجبائي أنه قال المجبر كافر ومن شك في كفره فهو كافر ومن شك في كفر من شك في كفره فهو كافر ومنهم من بلغ الغاية في الحماقة والوقاحة فزعم أن القول بزيادة الصفات وبجواز الرؤية وبالخروج من النار وبكون الشرور والقبايح بخلقه وإرادته ومشيئته وبجواز إظهار المعجزة على يد الكاذب كلها كفر وقال الأستاذ أبو إسحق الإسفرائني يكفر من يكفرنا ومن لا فلا واختيار الإمام الرازي أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة وتمسك بأنه لو توقف صحة الإسلام على اعتقاد الحق في تلك الأصول لكان النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده يطالبون بها من آمن ويفتشون عن عقايدهم فيها وينبهونهم على ما هو الحق منها واللازم منتف قطعا ثم فرق بينها وبين ما هو من أصول الإسلام بالاتفاق بأن بعضها مما اشتهر كونه من الدين واشتمل عليه الكتاب بحيث لا يحتاج إلى البيان كحشرالأجساد وبعضها مما ظهرت أدلتها على ما يليق بأصحاب الجمل بحيث يتسارع إليها الأفهام كحدوث العالم وإنما طال الكلام فيها لإزالة شكوك الفقهاء المبطلون بخلاف الأصول الخلافية فإن الحق فيها خفي يفتقر إلى زيادة نظر وتأمل والكتاب والسنة قد يشتملان على ما يتخيل معارضا لحجة أهل الحق فلو كانت مخالفة الحق فيها كفرا لاحتيج إلى البيان البتة ثم أجاب عن أدلة تكفير الفرق بعضهم بعضا بأجوبة مبني بعضها على أن خرق الإجماع ليس بكفر وأن الإجماع لا ينعقد بدون اتفاق المشبهة والمجسمة والروافض وأمثالهم وبعضها على أن من لزمه الكفر ولم يقل به فليس بكافر وبعضها على أن صاحب التأويل وإن كان ظاهر البطلان ليس بكافر ووافقه بعض المتأخرين من المعتزلة حذرا عن شفاعة تكفير من تكاد تشهد الأرض والسماء بإسلامهم وعن لزوم تكفير كثير من كبارهم لكن كلامهم يموج بتكفير عظماء أهل الإسلام والله عزيز ذو انتقام ولقائل أن يجيب عن تمسك الإمام بمنع الملازمة بأن التصديق بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إجمالا كاف في صحة الإيمان وإنما يحتاج إلى بيان الحق في التفاصيل عند ملاحظتها وإن كانت مما لا خلاف في تكفير المخالف فيها كحدوث العالم فكم من مؤمن لم يعرف معنى الحادث والقديم أصلا ولم يخطر بباله حديث حشر الأجساد قطعا لكن إذا لاحظ ذلك فلو لم يصدق كان كافرا قال المبحث الثامن حكم المؤمن الخلود في الجنة وحكم الكافر الخلود في النار ويختص المنافق بالدرك الأسفل وحكم الفاسق من المؤمنين الخلود في الجنة إما ابتداء بموجب العفو أو الشفاعة وإما بعد التعذيب بالنار بقدر الذنب وفيه خلاف المعتزلة والخوارج كما سبق والفسق هو الخروج عن طاعة الله تعالى بارتكاب الكبيرة وقد عرفتها وينبغي أن يقيد بعدم التأويل للاتفاق على أن الباغي ليس بفاسق وفي معنى ارتكاب الكبائر الإصرار على الصغائر بمعنى الإكثار منها سواء كانت من نوع واحد أو أنواع مختلفة وأما استحلال المعصية بمعنى اعتقاد حلها فكفر صغيرة كانت أو كبيرة وكذا الاستهانة بها بمعنى عدها هينة ترتكب من غير مبالاة وتجري مجرى المباحات ولا خفاء في أن المراد ما يثبت بقطعي وحكم المبتدع وهو من خالف في العقيدة طريقة السنة والجماعة ينبغي أن يكون حكم الفاسق لأن الإخلال بالعقائد ليس بادون من الإخلال بالأعمال وأما فيما يتعلق بأمر الدنيا فحكم المؤمن ظاهر وحكم الكافر بأقسامه من الحربي والذمي والكتابي والمرتد مذكورة في كتب الفروع وحكم المنافق والزنديق إجراء أحكام الإسلام وحكم الفاسق الحد فيما يجب فيه الحد والتعزير في غيره والأمر بالتوبة ورد الشهادة وسلب الولاية على اختلاف في ذلك بين الفقهاء وحكم المبتدع البغض والعداوة والإعراض عنه والإهانة والطعن واللعن وكراهية الصلاة خلفه وطريقة أهل السنة أن العالم حادث والصانع قديم متصف بصفات قديمة ليست عينه ولا غيره وواحد لا شبه له ولا ضد ولا ند ولا نهاية له ولا صورة ولا حد ولا يحل في شيء ولا يقوم به حادث ولا يصح عليه الحركة والانتقال ولا الجهل ولا الكذب ولا النقص وأنه يرى في الآخرة وليس في حيز ولا جهة ما شاء كان ومالم يشأ لم يكن لا يحتاج إلى شيء ولا يجب عليه شيء كل المخلوقات بقضائه وقدره وإرادته ومشيئته لكن القبايخ منها ليست برضاه وأمره ومحبته وأن المعاد الجسماني وسائر ما ورد به السمع من عذاب القبر والحساب والصراط والميزان وغير ذلك حق وأن الكفار مخلدون في النار دون الفساق وأن العفو والشفاعة حق وأن أشراط الساعة من خروج الدجال ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها وخروج دابة الأرض حق وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وأول الخلفاء أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم والأفضلية بهذا الترتيب مع تردد فيها بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما والمشهور من أهل السنة في ديار خرسان والعراق والشام وأكثر الأقطار هم الأشاعرة أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبدالله بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من خالف أبا علي الجبائي ورجع عن مذهبه إلى السنة أي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم والجماعة أي طريقة الصحابة وفي ديار ما وراء النهر الماتريدية أصحاب أبي منصور الماتريدي تلميذ أبي نصر العياض تلميذ أبي بكر الجرجاني صاحب أبي سليمان الجرجاني تلميذ محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله وما تريد من قرى سمرقند وقد دخل الآن فيها بين الطائفتين اختلاف في بعض الأصول كمسئلة التكوين ومسئلة الاستثناء في الإيمان ومسألة إيمان المقلد وغير ذلك والمحققون من الفريقين لا ينسبون أحدهما إلى البدعة والضلالة خلافا للمبطلين المتعصبين حتى ربما جعلوا الاختلاف في الفروع أيضا بدعة وضلالة كالقول بحل متروك التسمية عمدا وعدم نقض الوضوء بالخارج النجس من غير السبيلين وكجواز النكاح بدون الولي والصلاة بدون الفاتحة ولا يعرفون أن البدعة المذمومة هو المحدث في الدين من غير أن يكون في عهد الصحابة والتابعين ولا دل عليه الدليل الشرعي ومن الجهلة من يجعل كل أمر لم يكن في زمن الصحابة بدعة مذمومة وإن لم يقم دليل على قبحه تمسكا بقوله عليه الصلاة والسلام إياكم ومحدثات الأمور ولا يعلمون أن المراد بذلك هو أن يجعل في الدين ما ليس منه عصمنا الله من اتباع الهوى وثبتنا على اقتفاء الهدى بالنبي وآله قال الفصل الرابع في الإمامة لا نزاع في أن مباحث الإمامة بعلم الفروع أليق لرجوعها إلى أن القيام بالإمامة ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكفايات وهي أمور كلية تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها فيقصد الشارع تحصيلها في الجملة من غير أن يقصد حصولها من كل أحد ولا خفاء في أن ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية وقد ذكر في كتبنا الفقهية أنه لا بد للأمة من إمام يحيي الدين ويقيم السنة وينتصف للمظلومين ويستوفي الحقوق ويضعها مواضعها ويشترط أن يكون مكلفا مسلما عدلا حرا ذكرا مجتهدا شجاعا ذا رأي وكفاية سميعا بصيرا ناطقا قريشيا فإن لم يوجد من قريش من يستجمع الصفات المعتبرة ولي كناني فإن لم يوجد فرجل من ولد إسماعيل فإن لم يوجد فرجل من العجم ولا يشترط أن يكون هاشميا ولا معصوما ولا أفضل من يولى عليهم وتنعقد الإمامة بطرق

أحدها بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر حضورهم من غير اشتراط عدد ولا اتفاق من في سائر البلاد بل لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفت بيعته

والثاني استخلاف الإمام وعهده وجعله الأمر شورى بمنزلة الاستخلاف إلا أن المستخلف غير متعين فيتشاورون ويتفقون على أحدهم وإذا خلع الإمام نفسه كان كموته فينتقل الأمر إلى ولي العهد

Page 272