فالله سبحانه فوق عرشه بائن من خلقه، وهو معهم بعلمه وسمعه وبصره أين ما كانوا، وبتوفيقه ونصره وتأييده كذلك، وكل صفة ذكرت له سبحانه وتعالى فهي على ما يليق بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى، بغير كيف نعلمه، ولا تمثيل نتوهمه، فمن مثل فقد وقع في التجسيم، وشبه صفات الخالق بصفات المخلوق، وهذا من أبطل الباطل، وقد دخل عليه هذا الباطل من محاولة تكييف صفات الله تعالى، وتصور أنها كصفات المخلوق سواء بسواء، وجهل أن العلم بكيفية الصفات فرع عن العلم # بكيفية الذات، نعم عرف ذات الإنسان وكيفيتها، فثبتت له معرفة صفاته، لكنه لم يعرف ذات الرب سبحانه وتعالى، فأنى له العلم بكيفية الصفات، وقد كفى الله تعالى عباده هذا العناء فقال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (¬1)، فلماذا الخروج عن المنهج القويم، إلى القول بالتجسيم، أو الفرار منه إلى ما هو أقبح وهو القول بالتعطيل، وهو ما خطر للمبتدع ولو اعتصم بالكتاب والسنة لكان في عافية من ذلك.
16 - من قاسه من البشر بخلقه فقد كفر ... وقد أطاع ونصر أمر الهوى المتبع
هذا توكيد من الناظم رحمه الله على ما ذكر في البيت السابق، وأنه تعالى منزه عن مشابهة المخلوقين في أي صفة من صفاته، وأن هذا منهج أهل السنة والجماعة، وأن من سلك غيره، ممن زعم أن الله في كل مكان، أو لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت، فقد ضل، وعميت بصيرته عن الحق، وأنهم لم يتدبروا كلام الله - عز وجل -، فالله لا يلحقه نقص ولا عيب، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا (¬2).
Page 76