Sharh Lumat al-I'tiqad by Al-Mahmood
شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
Genres
الرد على منكري الرؤية في استدلالهم بآية (لن تراني)
ومثله الآية الأخرى لما قال موسى لربه: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾ [الأعراف:١٤٣]، فهذه الآية أيضًا احتج بها المعتزلة، وقالوا: إن قوله: (لن تراني)، يدل أنه لا يُرى في الدنيا ولا في الآخرة، وهذه الآية حجة عليهم من عشرة أوجه ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكرها شارح الطحاوية ابن أبي العز رحمه الله تعالى.
وأشير إلى وجهين فقط، وارجعوا إلى بقية الأوجه هناك: الوجه الأول: أن الله تجلى للجبل، كما قال: ﴿قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ [الأعراف:١٤٣]، فالله تعالى تجلى للجبل فاندك، فهذا دليل على أن الله تعالى يُرى.
الوجه الثاني: أنه لا يليق بكليم الله ﷾ موسى أن يطلب من الله ﷾ ما لا يليق، فموسى لا يمكن أن يطلب أمرًا غير ممكن، وإنما طلب أمرًا ممكنًا، ولكن الله أخبره أنه في الدنيا لا يستطيع أن يقوى عليه.
وفعلًا فإن الله ﷾ لا يرى في الدنيا، وعلى هذا يكاد يكون إجماع العلماء، أي: أن الله تعالى لا يرى حقيقة في الدنيا، وقد ثبت في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن النبي ﷺ أنه قال: (إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا)، والراجح أن رسول الله ﷺ أيضًا لم ير ربه بأم عينيه، وإنما رآه بفؤاده.
ولعل الحكمة في ذلك أن الناس في الدنيا لا يستطيعون أن يقووا على رؤية الله ﷾، لكن إذا كانوا عند الله ﷾ في الآخرة وفي الجنة، فإن الله ﷾ يعطيهم من القوة ما يثبتون ويقوون به على رؤية الله ﷾، وهذا هو الصحيح الذي دلت عليه الأدلة الكثيرة.
8 / 12