المقدمة
لقد مدح أبو عثمان الجاحظ أنواع العلوم، ومنها علم النحو، حيث سئل عنه، فقال:
" يبسط من العي اللسان، ويجزي من حصر البيان، وبه يسلم من هجنة اللحن وتخريف القول، وهو آلة لصواب المنطق، وتسديد لكلام العرب (١).
ومن هنا كانت المكانة الرفيعة التي حظي بها كتاب سيبويه، أو (أبو النحو العربي) كما يطلقون عليه، الذي يعتبر تصنيفه (الكتاب) أشهر كتاب في النحو، فكان جديرا بالتربع- دون منازع- على قمة علم النحو، إذ أن مكانة سيبويه وأهميته ترجع إلى أنه أول من سجل قواعد النحو العربي، وأرسى أسس معالمه واتجاهاته.
وقد اقتضت الأمانة العلمية أن نذكر فضل المستشرق الفرنسي (هرتويج دبرنبورج) على كتاب سيبويه، حيث نشره في العام ١٨٨١، أي قبل أن تظهر طبعة بولاق بمصر بعشرين عاما، وذلك في ألف صفحة مع مقدمة وحواش في مجلدين، مع ترجمته إلى الفرنسية (٢).
ومن هذه المكانة الرفيعة التي اعتلاها (الكتاب) استمد (شرح أبي سعيد السيرافي) شهرته وتفرده بالصيت دون سائر الشروح التي تعرضت للكتاب؛ لأنه أقدم شرح وصل إلى أيدينا، فكان محور اهتمام الباحثين والدارسين في الشرق والغرب على السواء.
ولعل المستشرق الألماني (يان) من أسبق الذين نشروا مقتطفات من (شرح السيرافي)، عند ما نقل كتاب سيبويه إلى اللغة الألمانية ..
وهي ذات المقتطفات التي استعانت بها مطبعة بولاق بمصر عند ما نشرت كتاب
_________
(١) كتاب الحكم والأمثال، لأبي أحمد العسكري.
(٢) مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي، د. الطناحي.
1 / 3