شرح كتاب التدليس في الحديث للدميني - محمد حسن عبد الغفار

Muhammad Hassan Abdul Ghafar d. Unknown
75

شرح كتاب التدليس في الحديث للدميني - محمد حسن عبد الغفار

شرح كتاب التدليس في الحديث للدميني - محمد حسن عبد الغفار

Genres

من مفاسد التدليس تضعيف الثقات وتوثيق الضعفاء رابعًا: من المفاسد العظيمة للتدليس: تضعيف الثقات وتوثيق الضعفاء، وهذا موجود حتى في عصرنا، فقد يسمي الواحد منا شيخه بغير اسمه مرة -وقد يكون جالس شيخًا مرة واحدة- ويكنيه مرة بغير كنيته المشهورة؛ ليشتبه على السامعين -نسأل الله أن يعافينا من هذا الداء العضال- فالثقة بالتدليس يمكن أن يطعن فيه، والضعيف بالتدليس يمكن أن يرتقي بالثقات، كما في حديث بقية، أو حديث ابن أرطأة أو الوليد بن مسلم، وهذه مشهورة عن الوليد بن مسلم، فكان الأوزاعي يروي عن ضعفاء، والوليد بن مسلم يروي عن الأوزاعي، فيأتي الوليد بن مسلم مثلًا فيسقط الضعيف بين الأوزاعي وبين الثقة الذي هو شيخ شيخه، فيكون الإسناد مباشرة: الوليد بن مسلم وهو الثقة، عن الأوزاعي وهو الثقة، عن شيخ شيخ الأوزاعي الثقة أيضًا، أما الضعيف الذي بين الثقتين فأسقطه، لا سيما وإن كان شيخ شيخ الأوزاعي لم يكن معاصرًا له ولم يسمع منه، فالناظر والناقد لهذا الحديث في أول وهلة يرى أن سلسلة الإسناد سلسلة صحيحة، لكن الناقد البصير الجهبذ سينظر فيقول: إن الأوزاعي لم يرو عن شيخ شيخه هذا، ولم يرو الأوزاعي عن فلان إلا بواسطة، وهذه الواسطة لم يسقطها الوليد؛ لأنه يقول: حدثني الأوزاعي، ويقول: الأوزاعي أسقط الضعيف وعنعن عن الثقة، فـ الأوزاعي مدلس، فيتهمون الأوزاعي بالتدليس بسبب فعل الوليد بن مسلم، أو بسبب فعل بقية بن الوليد. فهذا من المفاسد العظيمة: أن يجعل الثقة ضعيفًا بين العلماء، وإذا ضعف العلماء أو جرحوا الأوزاعي فستكون كل الأحاديث التي من طريق الأوزاعي ضعيفة ولا يؤخذ بها، وبهذا نكون قد ضيعنا كمًا من أحاديث النبي ﷺ. فالمقصود أن التدليس يجعل الثقة في محل الضعفاء، ويجعل الضعيف في محل الثقات.

8 / 6