278

Sharh Kawkab Munir

شرح الكوكب المنير

Enquêteur

محمد الزحيلي ونزيه حماد

Maison d'édition

مكتبة العبيكان

Édition

الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ

Année de publication

١٩٩٧ مـ

نَقْلِيَّتَيْنِ حَكَمَ الْعَقْلُ بِوَاسِطَتِهِمَا. إحْدَاهُمَا: أَنْ يَدْخُلَهُ الاسْتِثْنَاءُ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ. فَحَكَمَ الْعَقْلُ عِنْدَ وُجُودِ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ بِأَنَّهُ لِلْعُمُومِ.
وَلا اعْتِبَارَ بِمَا١ يُخَالِفُ ذَلِكَ مِمَّنْ يَقُولُ: إذَا كَانَتْ الْمُقَدِّمَتَانِ نَقْلِيَّتَيْنِ كَانَتْ النَّتِيجَةُ أَيْضًا نَقْلِيَّةً. وَإِنَّمَا الْعَقْلُ تَفَطَّنَ لِنَتِيجَتِهَا؛ لأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ هَذَا الدَّلِيلُ مُرَكَّبًا مِنْ نَقْلِيَّتَيْنِ، لِعَدَمِ تَكَرُّرِ٢ الْحَدِّ الأَوْسَطِ فِيهِمَا. وَإِنَّمَا هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ مُقَدِّمَةٍ نَقْلِيَّةٍ. وَهِيَ٣ الاسْتِثْنَاءُ، - وَهُوَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ-، وَمُقَدِّمَةٍ عَقْلِيَّةٍ لازِمَةٍ لِمُقَدِّمَةٍ أُخْرَى نَقْلِيَّةٍ. وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَهُ الاسْتِثْنَاءُ عَامٌّ؛ لأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا لَمْ يَدْخُلْ الاسْتِثْنَاءُ فِيهِ، ثُمَّ جُعِلَتْ ٤ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ ٤ كُبْرَى لِلْمُقَدِّمَةِ الأُخْرَى النَّقْلِيَّةِ فَصَارَ صُورَةُ الدَّلِيلِ هَكَذَا: الْجَمْعُ الْمُحَلَّى بِأَلْ يَدْخُلُهُ الاسْتِثْنَاءُ، وَكُلُّ مَا يَدْخُلُهُ الاسْتِثْنَاءُ عَامٌّ يَنْتِجُ: أَنَّ الْمُحَلَّى بِأَلْ عَامٌ٥.
"وَزِيدَ" طَرِيقٌ ثَالِثٌ لِمَعْرِفَةِ اللُّغَةِ: "وَ" هُوَ "الْقَرَائِنُ".
قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي "الْخَصَائِصِ": "مَنْ قَالَ: إنَّ اللُّغَةَ لا تُعْرَفُ إلاَّ نَقْلًا. فَقَدْ أَخْطَأَ، فَإِنَّهَا تُعْرَفُ بِالْقَرَائِنِ أَيْضًا. فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا سَمِعَ٦ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
قَوْمٌ إذَا الشَّرُّ أَبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ ... طَارُوا إلَيْهِ زَرَافَاتٍ وَوُحْدَانًا٧

١ في ش: بمن.
٢ في ش: تكرر.
٣ في ش: وهو.
٤ في ض: العقلية.
٥ في ش: علم.
٦ في ش: دخل وسمع.
٧ البيت لقريط بن أنيف، نسبه له التبريزي في شرح ديوان الحماسة "١/ ٥". ومعنى البيت: أنهم لحرصهم على القتال لا ينتظر بعضهم بعضًا، لأنَّ كلًا منهم يعتقد أنَّ الإجابة تعينت عليه، فاذا سمعوا بذكر الحرب أسرعوا إليها مجتمعين ومتفرقين. "شرح الحماسة ١/ ٩".

1 / 291