88

ومثال دخولها على الحرف قوله:

يا ليت زوجك قد غدا

متقلدا سيفا ورمحا

وأما قوله: إن إظهار الفعل يغير المعنى فالجواب: إن الأفعال تنقسم قسمين: قسم هو كناية عن معنى، مثل: قام زيد، وقسم هو المعنى نفسه مثل قولك: أحلف بالله لأفعلن كذا، ألا ترى أن قولهم: أحلف، هو القسم بنفسه، وكذلك المنادى يكون على تقدير: أنادي، ويكون أنادي هنا المراد به نفس النداء.

وأما المنصوب في باب الاشتغال فهو منصوب بإضمار فعل لا يجوز إظهاره. وإنما لم يجز إظهاره لأنه جعل الفعل الذي بعده كأنه عوض منه، ولا يجوز الجمع بين العوض والمعوض منه.

ومنهم من ذهب إلى أنه منصوب بالفعل الذي بعده وهو الفراء، وذلك أن عدم الإضمار أحسن من تكلفه. قال فإن قيل: تعدي ضربت لمفعولين وإنما يتعدى إلى مفعول واحد فالجواب: إنه لما كان المفعول هو الضمير في المعنى ساغ أن يعمل فيه.

وهذا الذي ذهب إليه فاسد، لأن العرب تقول: زيدا مررت به، ومررت لا تعمل نصبا، فثبت هنا إضمار الفعل. وأيضا فإن الشيء لا يقتضي مما يطلبه إلا شيئا واحدا.

فأما إياك فهو منصوب بإضمار فعل لا يجوز إظهاره ولم يستعمل إلا بمعنى الأمر، فإن قلت: إياك، فتقديره: إياك باعد. ولا تقدره قبل إياك، لأنه لا يتعدى الفعل إلى مضمر المتصل. وإنما لم يظهر الفعل لأن إياك تتنزل منزلته وتتحمل الضمير كما يتحمله الفعل. والدليل على أنه قد يتحمل الضمير الذي يتحمله الفعل قوله:

فإياك أنت وعبد المسي

ح أن تقربا قبلة المسجد

فعبد المسيح معطوف على المضمر في إياك، وأنت تأكيد له.

وأما الاسم الذي بعد الواو في: إياك والأسد، وأمثاله تقديره: إياك باعد واحذر الأسد، إلا أن هذا الفعل الذي ينتصب الأسد بإضماره لا يظهر لأن ما في إياك من التحذير يدل عليه. فإن حذفت الواو لم تلزم إضمار الفعل نحو قوله:

Page 88