236

باب ما لم يسم فاعله حكم ما لم يسم فاعله أن يبنى الفعل للمفعول ويحذف الفاعل ويقام المفعول مقامه، فيحتاج في هذا الباب إلى معرفة ستة أشياء وهي: السبب الذي لأجله حذف الفاعل، والأفعال التي يجوز بناؤها للمفعول وكيفية بنائها للمفعول، والمفعولات التي يجوز إقامتها مقام الفاعل والأولى منها بالإقامة إذا اجتمعت، وهل فعل المفعول بناء برأسه أو مغير من فعل الفاعل.

فأما السبب الذي لأجله حذف الفاعل فهو إما للعلم به نحو قولك: أنزل المطر، لأنه علم أن منزله الله تعالى. وإما للجهل به نحو: ضرب زيد، إذا كنت لا تعلم الضارب، وإما للتعظيم نحو قولك: ضرب اللص، تريد ضرب القاضي اللص، إلا أنك لم تذكر القاضي إجلالا له عن أن يذكر مع اللص في كلام واحد. وإما للتحقير نحو: طعن عمر، ولا تذكر العلج الطاعن له إجلالا لعمر رضي الله عنه عن أن يكون اسمه مع اسم العلج في كلام واحد، أو للإبهام نحو: ضرب زيد وأنت عالم بالضارب إلا أنك قصدت الإبهام على السامع. وإما للخوف منه أو عليه نحو: قتل الأمير، ولا تذكر قاتله خوفا من أن يقتص منه، وإما لإقامة الوزن أو اتفاق القوافي نحو قوله:

وأدرك المتبقي من ثميلته

ومن ثمائلها واستنشىء الغرب

ألا ترى أنه لو ظهر لانكسر البيت ولنصب الغرب فتختلف القوافي. وأما لتقارب الأسجاع نحو قوله: ونبذت الصنائع وجهل قدر المعروف، ألا ترى أنه لو ظهر الفاعل فقال: ونبذ الناس الصنائع، لطال السجع فلم تكن مقاربة للسجع، والذي بعده مثلها إذا حذف الفاعل.

وأما الأفعال فإنها تنقسم بالنظر إلى بنائها ثلاثة أقسام. قسم اتفق النحويون على أنه لا يجوز بناؤه للمفعول، وهو كل فعل لا يتصرف نحو: نعم وبئس وعسى وفعل التعجب وليس وحبذا.

وقسم فيه خلاف وهو كان وأخواتها. وقسم اتفق النحويون على جواز بنائه للمفعول وهو ما بقي من الأفعال المتصرفة.

Page 12