قال جالينوس: أما الجزء الأول من هذا الكلام فقد قاله أبقراط بهذا اللفظ في كتاب الفصول إلا أنه في هذه المقالة أضاف إليه شاهدا محققا من مثال وصفه وهو قوله «من ذلك ما يكون بمدينة بارنثس متى نقص شيء أو زاد فيها» من الأشياء التي وصفها من أن الأمراض لا تبقى عند ذلك منتظمة فقد ينبغي أن تفهم هذا مضافا إلى قوله.
وأما قوله «وثم يكون الربيع على أفضل حالات الصحة وأقل ما يحدث الموت» فقد يمكن أن تفهم «في الربيع» نفسه فقط كأنه قال: «إن الربيع إنما صار أصح الأوقات لأنه ليس تحدث فيه تغايير عظيمة كما تحدث في الخريف» إلا أن هذا المعنى ليس بالمشاكل لما قصد له في هذا الكلام كله. ولذلك أقول إن الأجود أن هذا القول إنما هو شهادة مصححة للقول الكلي الذي تقدم من قول جزئي.
وقوله «وثم» يحتمل في لسان اليونانيين أن يكون معناه «من ثم» أي «من قبل ذلك» ويحتمل أن يكون معناه «هناك» فهو على المعنى الأول يقوم مقام «من قبل» وعلى هذا المعنى الثاني يقوم مقام «هناك» حتى يكون قوله كله في هذا الموضع على هذا المثال: «من ذلك ما يكون بمدينة بارنثس متى نقص شيء أو زاد» فسد نظام الأمراض الجاري في العادة على أن ذلك البلد أعني بارنثس من أصح البلدان ومن أعظم ما يستدل به على ذلك أن الربيع فيه «على أفضل حالات الصحة».
Page 104