وكان الحاكم أبو عبد الله والخطيب البغدادي يسميان كتاب الترمذي: الجامع الصحيح، وهذا تساهل منهما فإن فيه أحاديث كثيرة منكرة، وقول الحافظ أبي علي بن السكن، وكذا الخطيب البغدادي في كتاب السنن للنسائي: إنه صحيح، فيه نظر، وأن له شرطا في الرجال أشد من شرط مسلم غير مسلم، فإن فيه رجالا مجهولين: إما عينا أو حالا، وفيهم المجروح، وفيه أحاديث ضعيفة ومعللة ومنكرة، كما نبهنا عليه في (الأحكام الكبير).
السنن الأربعة لأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة تأتي في المرتبة الثانية بعد الصحيحين، ويأتي بعد ذلك المسانيد، وكونها في المرتبة الثانية لاشتمالها على الصحيح وهو كثير، والحسن وهو أكثر، وفيها الضعيف، وإن كان من أهل العلم من أطلق عليها الصحاح، كالحافظ السلفي وغيره، الحاكم والخطيب يسميان كتاب الترمذي: الجامع الصحيح، وسمي كتاب النسائي صحيح النسائي.
ومن عليها أطلق الصحيحا ... فقد أتى تساهلا صريحا
كيف يقال: الصحيح وفيه أحاديث ضعيفة كثيرة، هذا تساهل بلا شك، ففيها الأنواع الثلاثة، من الصحيح والحسن والضعيف، يأتي بعد ذلك المسانيد كمسند الإمام أحمد، والطيالسي، وغيرها، وهي في الرتبة دون السنن، ولذا يقول الحافظ العراقي:
ودونها في رتبة ما جعل ... على المسانيد فيدعى الجفلا
كمسند الطيالسي وأحمدا ... وعده للدارمي انتقدا
والسبب أن المصنف في السنن يترجم بأحكام، جواز كذا، تحريم كذا، ثم يذكر تحت الترجمة أقوى ما يجد من الأحاديث، أما صاحب المسند فإنه يترجم بأسماء الصحابة فيذكر من أحاديثهم ما وقع له كيفما اتفق، ولذا صارت رتبتها دون السنن، ولذا يقول:
ودونها في رتبة ما جعل ... على المسانيد فيدعى الجفلا
والكلام في مسند الإمام أحمد، وكلام شيخ الإسلام عليه كثير، وأنه أجود من شرط أبي داود، أو هو المساوي لشرط أبي داوود.
(مسند الإمام أحمد)
Page 10