مدخول بأن العدلية في الحقيقة قائلون: بأن كل ما يصل من الله إلى عباده تفضل منه وإحسان (1) والنزاع لفظي كيف؟ وهم قائلون: بأن أصول النعم من خلق الحي وخلق حياته وخلق شهوته وتمكنه من المشتهى وإكمال العقل الذي يميز به بين الحسن والقبيح كلها تفضل منه تعالى سابقة على استحقاق العبد، فالفروع أولى بذلك، وفي الأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام: يا مبتدئا بالنعم (2) قبل استحقاقها! لكن تسمية بعضها استحقاقا وثوابا إنما هو لأنه تعالى وعد به على الطاعات، وهو الموجب له على نفسه بصادق وعده، فالوجوب الذي أثبته أهل العدل ليس المراد به الوجوب التكليفي الثابت بإيجاب الغير حتى يستلزم دعوى ويستدعي حاكما، ولا يتصور بدونه كما زعمه الخصم (3) بل المراد الوجوب العقلي وهو لا يستلزم ذلك، لأن مرجعه إلى صدور بعض الأشياء عنه تعالى باقتضاء حكمته له. وقد استدلوا على الوجوب المذكور بقوله تعالى: كتب على نفسه الرحمة (4) وقال السيد معين الدين الإيجي (5) الشافعي في بعض رسائله: أي <div>____________________
<div class="explanation"> (1) انظر إلى كلمات المحققين من أصحابنا سيما بعض المتأخرين منهم تنادي بإنكار استحقاق الثواب والأجر على امتثال التكاليف، وأن ما ورد في الأدلة السمعية في ترتب الثواب محمول على التفضل ونحوه من المحامل، وقد حققنا ذلك أيضا في محله.
(2) هذه العبارة من فقرات الدعاء المروي عن أبي عبد الله عليه السلام بعد صلاة جعفر، أولها: يا من أظهر الجميل وستر القبيح ثم إن هذا الدعاء الشريف مما اشتمل على جوامع الكلم ومضامين لم تمسسه أيدي الأفكار كيف لا وهي صادرة من منابع الحكمة والعلم والمشاكي النبوية الموقدة من عالم القدس.
(3) وقد عرفت أن من أظهر المحامل التفضل، ومنهم من جعل الثواب في مقابل الانقياد.
(4) الأنعام الآية 12.
(5) هو السيد معين الدين محمد بن عبد الرحمان بن محمد بن عبد الله الحسنى الحسيني؟؟؟؟، صاحب كتاب جامع البيان في تفسير القرآن المتوفى سنة 905 والإيجي نسبة إلى إيج وهي من كورة دارا بجرد من بلاد فارس. وأهل فارس يسمونها إيك كما في المراصد ثم إن هذا السيد بيته بيت الفضل والأدب.</div>
Page 36