(أما بعد) فإن الله تعالى بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم (1) حين تراكم الأهواء الباطلة، وتصادم الآراء العاطلة، والناس هائمون في معتكر حندس (2) ليل الضلال يعبدون الأوثان ويخرون للأذقان سجدا (3) عندها بالغدو والآصال، لا يعرفون ملة ولا يهتدون إلى نحلة، ولا سير لهم إلى مراتع الحق ولا رحلة، فأقام الله تعالى برسوله الملة العوجاء (4)، وهداهم بإيضاح الحق إلى السنن المتناء [خ ل الغراء]، فأوضح للملة منارها وأعلم آثارها وأسس قواعد الدين، على رغم من الكفرة الماردين، هم الذين أبو إلا الإقامة على الكفر والبوار وإن هداهم إلى سبيل النجاح، فما أذعنوا للحق إلا بعد ضرب القواضب (5) وطعن الرماح، فندب صلى الله عليه وسلم لنصرة الدين، وإعانة الحق، عصبة من صحبه الصادقين، فانتدبوا ونصروا ونصحوا وأوذوا في سبيل الله ثم هاجروا (6) واغتربوا، هم كانوا <div>____________________
<div class="explanation"> (1) تعسا لقوم رووا عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه نهى عن الصلاة البتراء عليه وقيدوا أنفسهم بعدم إلحاق الآل بعد اسم النبي، مع أنهم فسروا البتراء بعدم ذكر الآن بعده. والبتراء فعلاء من البتر، بمعنى قطع الآخر والذيل.
(2) المعتكر: محل الاحتكار وهو الظلام. الحندس: الظلمة، والمراد أن الله تعالى بعث نبيه صلى الله عليه وآله في وقت الظلام ليل الضلال وشدة ظلمته. من الفضل على ما في بعض النسخ المخطوطة.
(3) اقتباس من قوله تعالى في سورة الإسراء الآية 107 (4) المراد بإقامة الملة ارجاعها بعد الاعوجاج إلى الاستقامة. والمراد بالملة ملة إبراهيم حيث غيرها العرب فأقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم. من الفضل.
(5) القواضب: جمع القاضب أي القاطع.
(6) إشارة إلى هجرة أصحابه صلى الله عليه وآله إلى حبشة، وفي رأسهم جعفر بن أبي طالب الطيار الهاشمي، أخو مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام.</div>
Page 23