Commentaire sur les sections d'Hippocrate
شرح فصول أبقراط
Genres
الشرح: هذا الفصل يشير فيه إلى دليل آخر على أن صحة الذهن والهشاشة للطعام في كل مرض علامة صالحة، فلهذا أعقبه به، وذلك لأن ذلك مما يناسب الصحة. وكون الشيء مناسبا، وإن كان رديئا كالأمراض، فهو أقل خطرا وأحمد مما لا يناسب، فكيف إذا كان محمودا. واعلم أن لفظ الطبيعة يقال على معان. فقال طبيعة للبراز كما يقال: هل الطبيعة مجيبة أو ليس؟ ويقال: طبيعة للقوة التي من شأنها حفظ كمالات ما هي فيه، وهي التي تصدر عنها أفعال على نمط واحد وبغير روية. كما يقال أن كذا مخالف لفعل الطبيعة. ويقال طبيعة لهيئة البدن، كما قال أبقراط في كتاب إبيديميا: وأكثر من كان يموت من كانت طبيعته مائلة إلى السل، أي من كانت أعضاؤه على هيئة أصحاب السل. ويقال: A طبيعة للمزاج، كما يقال أن طبيعة كذا حارة، وهو الذي عناه أبقراط هاهنا، كأنه قال: إذا كان المرض ملائما لمزاج المريض ولسنه ولسحنته وغير ذلك، فهو أقل خطرا. واعلم أن الأطباء اختلفوا في ذلك، فمنهم من قال بظاهر هذا الفصل واحده مطلقا ولم يخصصه بشيء، ومن جملتهم جالينوس، واستدل على ذلك بالقياس والتجربة. أما القياس، فلأن المرض الملائم يكون سببه ضعيفا، لأن المستعد للشيء يكفيه أضعف أسبابه. وغير الملائم لا يمكن حدوثه إلا عن سبب قوي، لأنه يحتاج أن يبطل ذلك المزاج وينقله إلى الضد، والملائم إنما يقوي ذلك المزاج فقط؛ وإذا كان كذلك، فخطر الملائم أقل. وأما التجربة فإنا شاهدنا الحمى المحرقة إذا عرضت للشيخ كان خطرها وأذاها له أكثر من ذلك إذا عرضت للشباب، وكذلك أمراض أخر. ومنهم من ناقض ذلك وزعم أن المرض الملائم أشد خطرا واستدل على ذلك بالقياس والتجربة، أما B القياس فمنه ما هو كالبرهان، ومنه ما هو كالجدل. أما البرهان فلأن المرض المخالف تكون (86) طبيعة المريض أى مزاجه معينة على علاجه، لأن العلاج هو بالضد، ففي نفس طبيعة المريض ما يقوم بالعلاج. وأما المرض الملائم ففي طبيعة المريض ما يقوي المرض ويضاد العلاج؛ فظاهر بين أن المخالف يكون أقل خطرا و أسهل برءا. وأما الجدل فلأن أبقراط نفسه قال: ما يعرض من البحوحة والنزلات للشيخ الفاني ليس يكاد ينضج، مع أن ذلك لو عرض للشباب لأسرع نضجه. وكذلك ما نقلناه عنه في أول شرح هذا الفصل أول كتاب إبيديميا. وأما التجربة، فإنا شاهدنا الفالج واللقوة وغير ذلك إذا عرض للشيخ، وخصوصا الفاني، صعب علاجه، وفي الأكثر يتعذر برؤه؛ ولا كذلك إذا عرض ذلك للشباب. وبعض من اعتقد هذا تأول كلام أبقراط، فقال: إن مراده بالملائم المضاد، لأن المزاج البارد ملائم للمرض الحار لأن به شفاءه. وقد أجاب جالينوس A عن قول أبقراط: إن (87) ما يعرض من البحوحة والنزلات للشيخ الفاني، ليس يكاد ينضج. فقال: فرق بين كون الشيء أشد خطرا، وبين كونه لا ينضج، فجائز أن يصدقا على شيء واحد. وأيضا فإن كون ذلك لا ينضج، لا لكونه ملائما للمزاج، بل لكونه عرض للشيخ الفاني. والشيخ الفاني تكون قواه ضعيفة، فيكون عدم النضج لضعف القوى، لا لكونه ملائما أو ليس. وأجاب عن قوله: وأكثر من كان يموت، من كانت طبيعته مائلة إلى السل. بأن المراد هناك بالطبيعة هيئة البدن، وهاهنا مزاج البدن، ولا امتناع في أن يكون المناسب للمزاج أقل خطرا، والمناسب للخلقة أشد خطرا (88). وهذا الجواب ليس يعجبني، فإن أبقراط قال في هذا الفصل: وسنه وسحنته، والسحنة من جملة هيئة البدن. واعلم أنه إذا حققت صورة الدعوى في الفصل لم يكن فيه خلاف، وكان الحق مع كل واحد من الرأيين. وكذلك لأنا إذا فرضنا مرضا واحدا، وليكن حرارة واحدة بعينها B أو حرارتين متساويتين عرضت إحداهما لشاب والأخرى لشيخ، فإنا نعلم بالضرورة أنها في الشباب أعظم خطرا، وأشد أعراضا، وأكثر قتلا، وأكثر إحواجا إلى زيادة التطفئة؛ والتي عرضت للشيخ بالضد من ذلك. بل لو فرضنا أن هذه الحرارة بقدر معتدل، لكانت تبلغ إلى أن تمرض الشباب؛ وأما الشيخ فلعلها تنفعه بتعديل مزاجه، ونقله إلى أفضل منه؛ ولعل هذا هو مراد أصحاب المذهب الثاني. ونعلم أيضا أنها بالضرورة إنه إذا مرض الشيخ والشاب مرضا حارا، وبلغا فيه إلى حد ما في الخروج عن الاعتدال الحقيقي بحيث كان خروجهما عن الاعتدال الحقيقي واحدا، لست أقول عن الاعتدال الذي لكل واحد منهما، فإن الشيخ حينئذ يكون مرضه أشد وأعظم خطرا وأكثر قتلا، لأن خروجه عن مزاجه الطبيعي له أكثر كثيرا؛ وهذا هو مراد أبقراط. وحينئذ يندفع الخلاف وترتفع الإشكالات ويبقى الكلام ظاهرا بينا من غير حاجة إلى تكلف تأويل. A
[aphorism]
قال أبقراط: إن الأجود في كل مرض أن يكون ما يلي السرة والثنة له ثخن، ومتى كان رقيقا جدا منهوكا، فذلك رديء؛ ومتى كان كذلك فالإسهال معه خطر.
[commentary]
Page 104