Explication des aphorismes d'Hippocrate
شرح فصول أبقراط
Genres
: في صلة هذا بما قبله * وذلك (188) من وجهين أحدهما أن الأول متعلق * بضرر القوة المحركة والثاني متعلق بضرر القوة الحساسة، وقدم الأول على الثاني لأن أفعال القوة المحركة أظهر من أفعال القوة الحساسة فيكون تقديم ما هو متعلق بضرر القوة الأولى على ما هو متعلق بضرر القوة الثانية واجبا (189) . وثانيهما أن الأول كان قد بين فيه أنه * قد (190) يحس بشيء ولا وجود له لأن الإعياء إحساس بالتعب ولا وجود له في الخارج لأن هذا التعب لا يكون إلا عن حركة، ولا حركة فلا تعب. وهذا بين فيه أنه قد يكون شيء موجودا ولا يحس * به (191) .
البحث الثاني:
في تحقيق ماهية الوجع. قال جالينوس في كتابه المسمى بالعلل والإعراض: الوجع خروج من الحالة الطبيعية إلى الحالة الغير * الطبيعية (192) . واللذة خروج من الحالة الغير * الطبيعية (193) إلى حالة الطبيعية. وبه قال محمد بن زكريا الرازي وصاحب الكامل وأبو سهل المسيحي. قال الإمام فخر الدين: وسبب هذا الظن أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات لأن اللذة لا تتم إلا بالإدراك والإدراك * حسي (194) وخصوصا اللمسي إنما يحصل * بالافعالات (195) عن الضد. فإذا استقرت الكيفية لم يحصل لانفعال فلم يحصل الشعور فلا تحصل اللذة. فلما لم تحصل اللذة اللمسية إلا عند تبدل الحالة الغير * الطبيعية (196) ، ظن أن اللذة نفسها هي ذلك الانفعال. ثم قال: وهذا باطل، فإن الإنسان قد يستلذ بالنظر إلى الصورة الحسنة التي ما كان عالما بوجودها حتى لا يقال بأن النظر قد * رفع (197) ضرر الاشتياق وكذلك ربما أدرك مسألة علمية من غير طلب منه لها ولا شوق إلى تحصيلها ويتفق له مال عظيم أو منصب جليل مع أنه لم يكن متوقعا لها ولا * طالبا (198) لهذه الأمور. واعلم أن هذه الأمور فيها نظر، وهو أنه لقائل أن يقول لم لا يقال إن الاشتياق واقع إلى النظر إلى * صورة حسنة (199) مطلقا أو إلى تحصيل منصب جليل مطلقا أو إلى كثر أو علم ما ثم أنه إذا يحصل ذلك زال ذلك الاشتياق وإذا كان كذلك بطل ما قاله الإمام من النقوض. قال الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا * قدس الله نفسه (200) : الألم أدراك المنافي من حيث هو * مناف (201) بغتة واللذة إدراك الملائم من حيث هو ملام بغتة. وقولنا في حيث هو مناف فإن تألم القوة الحساسة بالجسم * المحرق (202) ليس هو من حيث * جسميته (203) ولا من حيث لونه ولا من طعمه بل من حيث كونه محرقا مؤذيا للقوة الحساسة PageVW5P063B وكذلك التذاذ القوة الذائقة بالجسم الحلو ليس هو من حيث جسميته ولا من حيث كونه حارا أو باردا بل من حيث طعمه. فلذك قال من حيث هو * مناف (204) أو من حيث هو ملائم. فإن قيل: هاهنا بحثان أحدهما أن * سوء (205) المزاج الرطب مناف وهو غير مؤلم فلو كان الألم إدراك المنافي لاستحال وجود * سوء (206) المزاج الرطب بدون الألم. وثانيها PageVW1P027B أن المريض قد يلتذ بالحلاوة مع أنها لا تلائمه بل تمرضه وتنفر عن الأدوية التي تنفعه وتلائمه. فاللذة ليست هي عبارة عن إدراك الملائم والألم * عبارة عن (207) إدراك المنافي. والجواب عن الأول أنا نلتزم بإيلام * سوء (208) المزاج الرطب لأنه كيف كان * منافيا (209) والمنافي مؤلم غير أن إيلامه أقل من إيلام باقي الأمزجة الساذجة. الجواب عن الثاني أن التذاذ المريض بالأشياء الحلوة لا من حيث أنها تولد مادة فاسدة في بدنه بل بالنظر إلى قوته الذائقة وإنما استضراره بها فهو من جهة أخرى. وذلك إما لأن في بدنه مواد رديئة فاستحالت إلها وإما لأن أعضاء هضمه ضعيفة عن إحالة ما ورد إليها منها. فجهة الاستضرار غير جهة الاستلذاذ فاللذة إدراك الملائم من حيث هو ملائم. وأما نفور المريض عن الأدوية الكريهة فليس هو من جهة ما يعقبها من النفع في مواد البدن بل من جهة تألم القوة الذائقة بها ونفورها منها. فجهة الالتذاذ غير جهة الاستضرار. فالألم إدراك المنافي من حيث هو * مناف (210) .
البحث الثالث:
شرط الألم واللذة حصول سببهما دفعة على ما أشرنا إليه. وذلك لأن القوة الحساسة إنما تدرك من المحسوسات ما له قدر محسوس وما ليس له قدر محسوس فلا تدركه ولا تشعر به. ولذلك صارت القوة الباصرة لا تدرك الهباء المبثوث في الجو مع أنها ألطف الحواس وأقواها. وإذا علم هذا فنقول: الوارد على * الحاسة (211) متى كان قليلا كان زمانه غير مشعور به، ثم في الزمان الثاني يكون كذلك ثم في الزمان الثالث ثم في الزمان الرابع وهلم جرا. وحينئذ لم يحدث عن ذلك حالة مدركة بحيث تكون مشعورا بها. أما إذا كان حدوثها دفعة كان ذلك * مشعورا (212) به فيكون مؤلما أو ملذا. ولذلك صارت المادة المنوية لا تؤلم عند اجتماعها وتلذ عند استفرغها. ومن هذا يعلم أن القدر الذي زدناه في تعرف اللذة والألم واجب وهو قولنا دفعة.
البحث الرابع:
الحاسة المدركة للمحسوسات كلما كانت أكثف كان مقاومتها للمدرك أكثر وكان تألمها والتذاذها أعظم وأقوى فتكون حاسة البصر أقل الحواس التذاذا أو تألما لأنها ألطف الحواس لأن محسوسها جسم نوراني. ودون * تلك (213) في اللطافة حاسة السمع لأن محسوسها الهواء وهو أكثف من النار. ودون تلك في اللطافة حاسة الشم لأن محسوسها الأجسام البخراية وهي أكثف من الهواء فكان وتألمها والتذاذها بجسوساتها أقوى وأبلغ. ودون تلك في اللطافة حاسة المذاق لأن محسوسها الأجسام المائية وهي أكثف من البخار فيكون التذاذها وتألمها بمحسوساتها أقوى وأبلغ. * دون (214) ذلك في اللطافة حاسة اللمس لأن محسوسها الأجسام الأرضية وهي أكثف مما ذكرنا فكان تألمها والتذاذها أقوى وأبلغ من باقي الحواس. ولما كان الحال كذلك كان * ذوو (215) الطباع الكثيفة أشد التذاذا وتألما بالواردات عليهم من ذوي اللطباع اللطيفة.
البحث الخامس
، قال الشيخ في الفصل الثالث من المقالة الثانية في علم النفس من طبيعيات الشفاء: الحواس منها ما لا لذة لها * في محسوسها (216) ولا ألم. ومنها ما يلتذ ويتألم بتوسط المحسوسات. فأما الذي لا لذة لها فمثل البصر فإنه لا يلتذ بالألوان ولا يتألم بها بل النفس تتألم بذلك أو تلتذ من داخل. وكذلك * الحال (217) في الأذن * فإنها إن (218) تألمت الأذن من صوت شديد والعين من لون مفرط كالضوء فليس تتألم من حيث تسمع وتبصر بل من حيث تلمس لأنه يحدث فيه * ألما لمسيا (219) وكذلك يحدث فيه بزوال ذلك لذة لمسية. وأما الشم والذوق فيتألمان ويلذان إذا تكيفتا بكيفية منافرة أو ملائمة. وأما اللمس فإنه قد يتألم بالكيفية الملموسة ويلتذ بها وقد يتألم ويلتذ بغير * توسط (220) كيفية من المحسوس الأول بل بتفرق الاتصال والتآمه. هذا ما قاله الشيخ في هذا الباب وهو في غاية الإشكال. أما أولا فإنه يرى ويعتقد أن المدرك للمحسوسات الجزئية هي الحواس الخمس. فمذهبه في هذا الموضع إما أن يكون الأول أو لا يكون. فإن كان الأول فيكون قد ناقض مذهبه في البصر والسمع. وإن كان الثاني فيكون قوله هاهنا في الشم والذوق واللمس قولا فاسداذ. وأما ثانيا فإن كل واحد من الحواس له محسوس خاص، وحينئذ نقول: كيف يتصور أن يقال إن القوة اللامسة الحاصلة في العين والأذن هي المدركة للصوت المفرط واللون الموذي؟ وأما ثالثا فإن ذلك يكون مناقضا لحده اللذة والألم. فإنه حد اللذة على ما عرفت بأنها إدراك الملائم من حيث هو ملائم والملائم للقوة الباصرة إدراك المبصرات الحسية لا اللمسية. وأما رابعا فنقول: * فيكون (221) إدراك هذه المحسوسات إما أن يكون لذة وألما للحواس الخمس أو لا يكون أو يكون للبعض دون البعض. فإن قال بالأول فيكون إدراك البصر للألوان الحسية لذة والألوان ألموذية ألما. وإن قال بالثاني فلا يكون للمس لذة ولا ألم ولا للشم والذوق PageVW1P028A . وإن قال بالثالت كان ذلك ترجيحا من غيع مرجح وهو محال. اعتذر الإمام فخر الدين حيث تكلم في اللذة في كتاب المباحث عن الشيخ في خروجه عن مذهبه الشهور أن الألوان ليست ملائمه للقوة الباصرة PageVW5P064B فإنه يستحيل إنضاف القوة الباصرة بالألوان وذلك لأن الملائم هو الذي * يكون (222) كمالا للشيء وأقل درجات الكمال إمكان حصوله للشيء بل إدراك الألوان هو الملائم للقوة الباصرة. * قال (223) : والشيخ لم يجعل حصول الملائم هو اللذة بل إدراك الملائم فالقوة الباصرة إذا أبصرت فقد حصل لها الملائم الذي هو إدراك الألوان ولم يحصل لها إدراك هذا الملائم. فإن القوة الباصرة لم تدرك كونها مدركة * للألوان (224) بل النفس هي المدركة لذلك، فإنها تدرك الأشياء وتدرك أنها أدركتها. أقول: فعلي هذا يلزم أن لا تلتذ القوة اللامسة بالملموسات لأنه ليس لها أن تدرك أنها أدركت فإن هذا للنفس على زعمه. وكذلك الكلام في القوة الذائقة والشامة وكل ذلك مناقض * لكلام (225) الشيخ الذي تمسك به في الشفاء والقانون. والحق عندي في هذه المسألة أن يقال إن الملائم للقوة الباصرة للألوان الحسية وللقوة الشامية * الأرائيح (226) الطيبة، وكذلك القول في باقي الحواس أن إدراكها لهذا الأمور هي اللذة بناء علي أن الإدراك حصول صورة المدرك في المدرك. وإذا كان كذلك فيكون كل واحد من الحواس الظاهرة له لذة لأنه لا معنى للذة إلا إدراك الملائم من حيث هو ملائم.
البحث السادس:
Page inconnue