Commentaire sur les Aphorismes d'Hippocrate
شرح فصول أبقراط
Genres
[aphorism]
قال أبقراط: التدبير البالغ في اللطافة عسر، مذموم في جميع الأمراض المزمنة لا محالة، والتدبير الذي يبلغ (261) فيه الغاية القصوى من اللطافة في الأمراض الحادة إذا لم تحتمله قوة المريض عسر مذموم.
[commentary]
قال عبد اللطيف: قصده في هذا الفصل أن يبين منازل الأغذية (262) بحسب منازل الأمراض والمرضى (263) على العموم، كما كان قصده فيما سبق أن يذكر قوانين الاستفراغ المفرط والامتلاء المفرط على العموم أيضا. فقوله: التدبير يريد به (264) تقدير الغذاء بحسب المرض والمريض، أما المرض فأن ينظر: هل هو حاد أو مزمن؟ وإذا كان حاد، فهل هو حاد في الغاية القصوى أو حاد (265) جدا أو حادا مطلقا. وأما المريض، فأن ينظر PageVW1P010A قوته ويقايس (266) بينها PageVW2P 7B وبين قوة المرض وهل تبقى إلى وقت منتهى المرض وتفي (267) به أو تخور (268) قبل المنتهى فيمدها من الغذاء بقدر ما تبقى (269) وتفي، ولتجعل هذا الغرض غايتك أبدا (270) في تغذية المرضى على الإطلاق، فتدبير الغذاء وتقديره مستخرج من المقايسة بين (271) قوتي المرض والمريض، فإذا كان المرض في الغاية القصوى وقوة المريض قوية يمكن أن PageVW0P011A تثبت إلى منتهى المرض من غير تغذية فامنع الغذاء أصلا، وهذا هو التدبير البالغ في اللطافة جدا. فإن كانت القوة غير قوية، و لا تثبت إلى وقت المنتهى إلا بغذاء، فأعط غذاء لطيفا بقدر ما يمسك القوة أن تخور (272). وإذا كان المرض حادا جدا، لكن لا في الغاية القصوى فأعط غذاء لطيفا بقدر ما يمسك القوة، كماء العسل وماء (273) الشعير وشيء من الكشك. وإذا كان المرض حادا مطلقا، فأعط غذاء لطيفا وأغلظ من الأول كالحساء مع الكشك؛ وفي هذه الأحوال الثلاث تجعل الغذاء بقدر ما لا تخور (274) معه القوة وإن أثر فيها ضعفا. وأما الأمراض المزمنة فإنك تجعل الغذاء فيها ما (275) يحفظ القوة على ما كانت عليه، لا يزيد فيها ولا ينقص منها، ولا يزال كذلك إلى وقت منتهى المرض فحينئذ تعود وتلطف التدبير. وينبغي أن تعلم أنا لسنا نعنى (276) في المرضى بالزيادة في قواهم على الأكثر، بل إنما نعنى (277) في الأمراض المزمنة بحفظ القوة على الحال الموجودة، وفي الأمراض الحادة بأن لا تنقص نقصانا فادحا (278). والغذاء الزائد في القوة هو الغليظ ولا يستعمل في مريض أصلا. والغذاء الذي يحفظ القوة على حالها هو المعتدل (279) ويستعمل في الأصحاء وفي ذوي الأمراض المزمنة. والغذاء الذي ينقص من القوة هو اللطيف، ويستعمل في ذوي الأمراض الحادة؛ فإذا كان المرض في الغاية القصوى استعمل التدبير الذي في PageVW2P008A الغاية القصوى، وذلك هو منع الغذاء أصلا، إن كانت القوة تفي، أو الاقتصار على ماء العسل وماء الكشك ونحوه إن لم تثق (280) بالقوة، وإذا لم يكن المرض في الغاية القصوى زيد في غلظ الغذاء بحسب ذلك، فأبقراط أمرنا (281) في هذا الفصل أن نتجنب دائما في الأمراض المزمنة التدبير اللطيف، ونتجنبه أيضا في الحادة أحيانا، لأن أكثر الحادة تحتاج إلى اللطيف وبعضها يحتاج إلى البالغ في اللطافة وهو ترك التغذية رأسا والاقتصار على ماء العسل إلى أن يأتي البحران، وأما أكثرها فيحتاج إلى اللطيف لا في الغاية، وهو تناول اليسير من الغذاء أو ما يغذو يسيرا كماء الكشك. وينبغي أن تعلم أن المرض الحاد هو السريع الحركة، القريب المنتهى، الوشيك (282) الانقضاء، وأكثر ما يطلق ذلك على ما كانت مادته حادة جدا ويكون معه حمى قلما تقلع، وقد تكون المادة في جميع البدن، وقد تكون في عضو بعينه كذات الجنب أكثر (283) ما يتطاول إلى اليوم (284) الرابع عشر، وأقله ثلاثة أيام أو أربعة، وأوسطه PageVW0P011B PageVW1P010B سبعة أيام، فالمرض الذي يأتي بحرانه في اليوم الرابع وما قبله يقال أنه في الغاية القصوى، والذي يأتي بحرانه في اليوم (285) السابع يقال أنه حاد جدا، والذي يأتي بحرانه في الرابع عشر (286) يقال أنه حاد مطلقا. وأما المرض المزمن فهو الذي طبيعته تقتضي أن يتجاوز اليوم الرابع عشر، ولكن (287) ما كان من الأمراض بحرانه (288) فيما (289) بعد الرابع عشر إلى الأربعين هو (290) متردد بين الحاد والمزمن، وما (291) بعد ذلك فهو مزمن على الإطلاق واسمه مشتق من الزمان، وأكثر تولده عن مواد باردة عسرة النضج ولهذا (292) يشهر ويسنى. وقوله: التدبير البالغ في اللطافة: يريد به منع الغذاء أو (293) الاقتصار على ماء العسل. وقوله: عسر مذموم: يعني به ما يجب فيه الموت أو يقاربه وذلك في جميع الأمراض المزمنة. وقوله: لا محالة: يريد به بت الحكم PageVW2P008B ودوامه مطلقا بلا شريطة. وقوله: والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية القصوى من اللطافة في الأمراض الحادة إذا لم تحتمله قوة المريض عسر مذموم: ذكره (294) مقترنا بشريطة أن تكون القوة ضعيفة لا مطلقا. وأما في الأمراض المزمنة فذكره مطلقا، ثم أنه لم يقل هنا لا محالة لأنه لا يريد بت الحكم ودوامه ووثاقته كما هو في الأمراض المزمنة، ولهذا صرح بالسود (295) أعني الجميع في الأمراض المزمنة، وذكر الأمراض الحادة مهملة. وإنما استعمل لفظ (296) التدبير دون التغذية ليدخل في جملته منع التغذية أصلا، فإنه لو قال: التغذية التي في الغاية القصوى لم يفهم منه القسم الذي يمنع فيه الغذاء أصلا، فالمرض الحاد عند أبقراط هو كل مرض يتحرك بسرعة وفيه خطر، والحمى فيه دائمة. فكل مرض حاد عنده فلا محالة هو قصير، وليس كل قصير بحاد، فإن حمى يوم قصيرة (297) وليست حادة. وأما أرخيخانس (298) فإنه لا يشترط في المرض الحاد إلا قصر الوقت والخطر فقط، فعلى هذا يكون الفالج والسكتة واختناق الرحم من الحادة إن عني بقصر الوقت الذي اشترطه وقت الحدوث، فأما إن عني به وقت جميع المرض فإن هذه تكون مزمنة في الأكثر، فكل مرض طويل فهو بطئ الحركة، وليس كل مرض بطئ الحركة طويلا، فإن حمى يوم أبطأ حركة من المحرقة (299)، ومع هذا فهي أقصر مدة منها (300).
[فصل رقم 5]
[aphorism]
قال أبقراط: في التدبير اللطيف قد يخطئ المرضى على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم، وذلك أن جميع ما يكون منه أعظم مما يكون منه في الغذاء الذي له غلظ يسير، ومن قبل PageVW0P012A هذا صار التدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء أيضا خطر، لأن احتمالهم لما يعرض من خطئهم أقل، ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة في (301) أكثر الحالات أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ قليلا.
[commentary]
قال عبد اللطيف: اعلم أن PageVW2P009A الخطأ الحادث من التدبير اللطيف هو PageVW1P011A انحلال القوة (302) وهو أمر قلما يتلافى، وأما الخطأ الحادث من تغليظ الغذاء فهو زيادة يسيرة في المرض، وزيادة المرض (303) أسهل من انحلال القوة، والطبيب ينتفع بمعرفة هذا القانون منفعة ليست باليسيرة وذلك أنه (304) إذا أشكل عليه الأمر في مرض ما من الأمراض الحادة، هل هو مما يحتمل التلطيف (305) أو مما لا يحتمله (306)، كان ميله إلى ما له غلظ يسير أولى، لأن الرأي إذا تجاذبه أمران متضادان مال إلى أسلمهما (307) عاقبة. قوله: "في التدبير اللطيف" قدمه للعناية (308) به. وقوله: "قد يخطئ المرضى على أنفسهم" قرنه بحرف قد ليعلم أنه متوقع ممكن ليس بواجب، وأضاف (309) الخطأ إلى إرادة المرضى دون الأطباء لمعنى جليل، وذلك أن المريض يحس بالقوة والضعف من نفسه أكثر من غيره حتى أن الطبيب في أغلب (310) الأحوال إنما يستعلم مقدار القوة من إخبار المريض له، فكأنه يقول: إذا كان المريض، وهو اعلم بقوته، قد يخطئ على نفسه في التدبير اللطيف فما ظنك بغيره (311). وقوله: "يعظم ضرره عليهم" أي يخاف عليهم العطب منه، وما بعده تفسير له والهاء (312) في منه تعود على التدبير اللطيف. وجملة ما في هذا الفصل تكرير التحذير من التدبير اللطيف مطلقا في الأصحاء والمرضى، إلا إذا كان منتهى المرض في غاية القرب والمريض في غاية القوة، ومع ذلك فإنك تستعمل التدبير البالغ في اللطافة على حذر وتوق (313) لأن الخطأ فيه أعظم من الخطأ في ضده.
[فصل رقم 6]
Page inconnue