Commentaire sur 'Fath Qadir'
شرح فتح القدير
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الثانية
Lieu d'édition
بيروت
وأما الوجه فمنه أن الوضوء لا يقع بلا نية إلا بالفعل مع الغفلة والذهول إذ الفعل الاختيارى لابد في تحقيقه من القصد إليه وهو إذا قصد الوضوء أو رفع الحدث أو استباحة مالا يحل إلا به كان منويا حتى أن صورة الخلاف إنما تتحقق بيننا وبين الشافعي في نحو من دخل الماء مدفوعا أو مختارا لقصد التبرد أو مجرد إزالة الوسخ ووقوع مثل هذه الحالات له صلى الله عليه وسلم قد لا يتحقق ولو تحقق في بعضها لا ينفى السنية لأنها لو لم تقترن بالترك أصلا كان واجبا وسنذكر الوجه العام للثلاثة قوله لأنه عبادة فلا تصح بدون النية لقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات متفق عليه أى صحتها واعتبارها شرعا بالنيات والمراد العبادات لأن كثيرا من المباحات تعتبر شرعا بلا نية كالطلاق والنكاح قوله ولنا قول بالموجب أى سلمنا أن كل عبادة بنية والوضوء لا يقع عبادة بدونها وبذلك قضينا عهدة الحديث وليس الكلام في هذا بل في أنه إذا لم ينو حتى لم تقع عبادة سببا للثواب فهل يقع الشرط المعتبر للصلاة حتى تصح به أو لا ليس في الحديث دلالة على نفيه ولا إثباته فقلنا نعم لأن الشرط مقصود التحصيل لغيره لا لذاته فكيف حصل المقصود وصار كستر العورة وباقي شروط الصلاة لا يفتقر اعتبارها إلى أن تنوى فمن أدعى أن الشرط وضوء هو عبادة فعليه البيان قوله بخلاف التيمم لأن التراب لم يعتبر شرعا مطهرا إلا للصلاة لا في نفسه فكان التطهير به تعبدا محضا وفيه يحتاج إلى النية أو هو أي التيمم ينبىء لغة عن القصد فلا يتحقق دونه بخلاف الوضوء ففسد قياسه على التيمم وفي كل الوجهين نظر نذكره في التيمم إن شاء الله تعالى
والصواب إفساده بما هو متفق عليه من أن شرط القياس أن لا تكون شرعية حكم الأصل متأخرة عن حكم الفرع وإلا لثبت حكم الفرع بلا دليل وشرعية التيمم متأخرة عن الوضوء فلا يقاس الوضوء على التيمم في حكمه لكن هذا إذا قصد القياس أما إذا قصد الاستدلال بمعنى لما شرع التيمم بشرط النية ظهر وجوبها في الوضوء فهو بمعنى لا فارق فليس جواب إلا به كما في الكتاب قوله ولنا أن أنسا الخ غريب وعزاه بعضهم إلى معجم الطبرانى عن راشد أبي محمد الحمانى قال رأيت أنسا بالزاوية فقلت أخبرنى عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه بلغنى أنك كنت توضئه وساق الحديث إلى أن قال ثم مسح برأسه مرة واحدة غير أنه أمرهما على أذنيه فمسح عليهما
Page 33