218

Sharh Fath al-Majid par al-Ghunayman

شرح فتح المجيد للغنيمان

Genres

فضل جابر بن عبد الله وأبيه ﵄
قال الشارح ﵀: [قوله: عن جابر هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام -بالمهملتين- الأنصاري ثم السلمي -بفتحتين- صحابي جليل هو وأبوه، ولأبيه مناقب مشهورة ﵄، مات بالمدينة بعد السبعين وقد كف بصره وله أربع وتسعون سنة].
أبوه عبد الله بن حرام قتل في غزوة أحد، وقد كان تخلف عن غزوة بدر فأسف على ذلك، وقال: إن قدر الله جل وعلا غزوة أخرى فسيرى ما أصنع.
فهاب أن يقول شيئًا غير هذا، فلما جاءت غزوة أحد قال لولده: يا بني! ما يصلح أن أخرج أنا وأنت ونترك البنات -وقد كان له سبع بنات-، ولست بمؤثرٍ لك الخروج يعني: أنا أولى منك بأن أخرج فخرج مع الرسول ﷺ، فلما حصل ما حصل من انتكاس الصحابة وقتل من قتل منهم وصاح الشيطان بأعلى صوته: قتل محمد، تقدم إلى الكفار فقاتل حتى استشهد ﵁، فلما أتي به عند رسول الله ﷺ كان جابر يبكي والناس ينهونه، يقول: والرسول ﷺ يبصرني ولا ينهاني.
ثم إنه قال لي: (أتدري ماذا قال الله لأبيك؟ إنه لما لقيه قال: يا عبدي! تمن علي.
فقال: كيف أتمنى وقد أعطيتني ما أريد، وما لا أتصور؟ فقال: تمن.
فلما رأى أنه لا بد قال: يارب! أريد أن تحييني مرة أخرى فأقتل في سبيلك.
قال: أما هذه فليس إليها من سبيل.
قال: فأبلغ عني من خلفي)، فنزل قول الله جل وعلا: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ [آل عمران:١٦٩] إلى آخر الآية، فالمقصود أن الله كلمه بدون واسطة بعد موته.

20 / 10