من غشوته، ولما يتمكن قلب سالك شهودهما ولا عين عارف النظر إليهما، ولكن الرحمة وسعت كل شيء، وبعظمتك التي ملأت كل شيء. والعظيم من الأسماء الذاتيه باعتبار علوه وكبريائه. ومعلوم أن لا قدر للموجودات بالنسبة الى عظمة قدره، بل لا شبيه له في عظمته، وتواضع لعظمته العظماء، وعظمة كل عظيم من عظمته ومن الأسماء الصفتية باعتبار قهره وسلطنته على ملكوت الأشياء وكون مفاتيح الغيب والشهادة بيده. فهو تعالى عظيم ذاتا، عظيم صفة، عظيم فعلا. ومن عظمة فعله يعلم عظمة الاسم المربي له، ومن عظمته يعلم عظمة الذات التي هو من تجلياته بقدر الإستطاعة، وكفى في عظمة فعله أنه من المقرر أن عوالم الأشباح والأجساد بما فيها بالنسبة إلى الملكوت، كالآن في قبال الزمان، وهي بالنسبة إلى الجبروت كذلك، بل لانسبة بينهما. وما ثبت إلى الآن من النظام الشمسي يبلغ أربعة عشر مليونا، كل كنظام شمسنا بأفلاكها وكرواتها السياره حولها التابعة لها أو أعظم بكثير. حتى أن نظامنا الشمسي سيارة حول واحد منها، مع أن كرة نبتون أبعد السيارات عن شمسنا حسب ما استكشف يبلغ بعده (27465) مليون ميل حسب الآراء الحديثه. ولعل مالم يستكشف أكثر بكثير مما استكشف إلى الآن.
قال السيد الكبير هبة الدين الشهرستاني دام عمره وتوفيقه في كتاب ((الهيئه والإسلام)) في المسألة الرابعة عشر في تعدد العوالم والنظامات: وأما علماء الهيئة العصريه فقد ثبت لديهم أن سيارات شمسنا وأقمارها تكتسب الأنوار طرا من شمسنا، وأن سعة عالم شمسنا المحدود بمدار نبتون ألف وخمسمائة مليون فرسخا، فترى شمسنا العظيمه عند نبتون كنجمة صغيرة، ومقتضى ذلك اضمحلال نورها فيما بعد نبتون، وعلى هذا يستحيل أن تكتسب الكواكب الثابته أنوارها من شمسنا، إذ هي في منتهى البعد البعيد عن نبتون. ألا ترى أن بعض المذنبات يبتعد عن شمسنا أكثر من بعد نبتون منها عشر مرة وهو مع ذلك مجذوب لشمسنا لا تغلب عليه جاذبة كوكب آخر لكثرة ما بقى من البعد بينه وبين الكواكب الأخر. وحسبك أن النظارات التي تكبر الزحل من بعده البعيد في منظرنا أضعاف ما يبصر بألف مرة ولا تتمكن من تكبير الثوابت بما ترى بالبصر غاية الأمر تجليها وتظهر خافيها لكثرة البعد. قال فانديك في "أرواء الظمأ" إن أقرب الثوابت إلى نظام شمسنا بعيد عنا أكثر من بعدنا عن شمسنا بتسع مئة ألف مرة. وفي مجلة الهلال المصرية صفحة 478 من سنة 1909: إن أقرب الثوابت إلى أرضنا (دلفا) وهي بعد الدقة الأكيدة تتخذ فرقا في موقعها باختلاف المنظر السنوي بمقدار الثانية. فعلم أن بعدها عنا (000/000/000/000/20) ميلا أي عشرين مليون مليون ميلا وتوصل نورها إلينا في ***70]
Page 69