قال آخر، ويقال إنها لتأبط شرًا:
إني لمهدٍ من ثنائي فقاصدٌ ... به لابن عم الصدق شمس بن مالك
لا يقال في الهدية إلا أهديت. ويقال في العروس: هديتها وأهديتها جميعًا. والأصل واحد، لأن المعنى على القصد والدلالة، فيقول: إني أمدح ابن عمي الكريم الصادق في الود شمس بن مالك، بما أقصد به راغبًا، وأنفذه إليه متحفًا. والمعنى: إني في غيبتي منه وحضوري له، مولعٌ بالثناء عليه، فلا أخليه من المدح في الحالتين جميعًا. واللام في قوله: لابن عم الصدق يجوز أن يتعلق بمهدٍ، يقال: أهديت له كذا، وعلى هذا تكون أعملت الفعل الأول، وما أهداه يكون محذوفًا لعلم السامع بأنه يريد شعره وتقريظه. وكان الأجود أن يقال فقاصدٌ إياه به، ويجوز أن يكون على قول من يزيد من في الواجب أن يكون قوله ثنائي مفعول مهدٍ، فيكون أهداه مذكورًا. ويجوز أن يتعلق اللام بقوله فقاصدٌ، يقال قصدته بكذا وقصدت له به. وعلى هذا تكون قد أعملت الفعل الثاني، وهو المختار إذا جمعت بين فعلين عند أصحابنا البصريين، ويقال هذا ثوب صدقٍ وأخو صدق، وضع الصدق موضع الفضل والصلاح. والتسمية بالشمس كالتسمية بالبدر والهلال. وذكر بعض المتأخرين أنه يروى شمس بن مالك بضم الشين، قال: ويكون هذا في أنه علمٌ لهذا الرجل فقط، كحجرٍ في أنه علم أبي أوسٍ الشاعر، وأبي سلمى في أنه علم أبي زهير الشاعر. والأعلام لا مضايقة فيها.
أهز به في ندوة الحي عطفه ... كما هز عطفي بالهجان الأوارك
عطف كل شيءٍ: جانبه. ويقال ثنى عطفه، إذا أعرض وجفا. وكأن القوس والرداء سميا عطافًا لاشتمالهما عند التوشح بهما على العطف. يقول: أحرك بالثناء جانبه كما حرك جانبي بعطيته، أي أسره بذلك حتى يرتاح ويطرب كما سرني حتى اهتززت. والهجان: الإبل البيض الكرام. والأوارك: التي رعت الأراك، يقال أركت الإبل فهي أركةٌ. وقال ابن السكيت: الأوارك التي ترعى الأرك، وهو نبتٌ. والندوة أصله الجمع، ويقال نداهم النادي، أي جمعهم.
1 / 70