في نومه وغفلته مع أنه كان لا يجترئ عليه، فكان يروز أحواله ليتمكن من مراده فيه. والمعنى إذا رميته بحصاة وهو نائمٌ وجدته ينتبه انتباه من سمع بوقعتها هدةً عظيمة، فيطمر طمور الأخيل، وهو الشقراق. وانتصاب طمور بما دل عليه قوله فزعًا لوقعتها، كأنه " رأيته " يطمر طموره؛ لأن الخائف المتيقظ يفعل ذلك. والطمور: الوثب؛ ومنه قيل فرسٌ طمرٌ، أي وثابٌ. وذكر أبو العباس أن الطمر في وصف الفرس هو المشرف، ومنه قيل للموضع العالي: طمار. وفزعًا انتصابه على الحال، وجواب إذا قوله رأيته. وقال بعضهم: الأخيل: الشاهين. ومنه قيل تخيل الرجل، إذا جبن عند القتال فلم يتثبت. والتخيل: المضي والسرعة والتلون.
وإذا يهب من المنام رأيته ... كرتوب كعب الساق ليس بزمل
أصل هب تحرك واضطرب، ثم قيل هب من نومه هبًا، وهبت الريح هبوبًا، وهبت الناقة في سيرها هبابًا، وهب التيس هبيبًا. وأهببت السيف: هززته. يقول: إذا استيقظ هذا الرجل من منامه انتصب في مضجعه سريعًا كانتصاب كعب الساق في الساق، وهو ليس بضعيف. وإنمايعني شهامته وتشمره في تلك الحالة. وكعب الساق منتصبٌ أبدًا في موضعه، فلذلك شبهه به. والراتب: القائم، ومنه المراتب. وتحقيق الكلام: وإذا يهب رأيت رتوبه كرتوب كعب الساق، لكنه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. وهذا التشبيه يجري مجرى التصوير. والزمل والزمال والزميلة، كله الضعيف، واشتقاقه من التلفف كأنه متساقطٌ لا متشمرٌ متجردٌ.
ما إن يمس الأرض إلا جانبٌ ... منه وحرف الساق طي المحمل
إن، زيد لتوكيد النفي، ويبطل عمل ما بانضمامه إليه في لغة من يعمله. وانتصب طيّ على المصدر مما دل عليه ما قبله، لأنه لما قال، ما يمس الأرض منه إذا نام إلا جانبه وحرف الساق، علم منه أن الرجل مطويٌ غير سمينٍ، وهضيم الكشح غير ثقيل. والمعنى أنه إذا نام لا يتبسط على الأرض ولا يتمكن منها بأعضائه كلها، فعل من يرخيه نومه ويتمكن منه، حتى لا يكاد يتجمع ويتشمر عند الانتباه إلا بعد مزاولةٍ وتهيؤٍ يعمله في كل عضو. وهذا من أبياتٍ كتاب سيبويه. واحتج به بقوله طي المحمل. وأراد بالمحمل حمائل السيف، وهذا كما يقال: هو كالجديل، وكالزمام، والمحمل والحمالة بمعنىً.
1 / 68