أتى بلفظ الكل معه تأكيدًا، كأنه نفى قليل ذلك وكثيره. وأضاف الفساد إلى المرضعة لأنه أراد الفساد الذي يكون من قبلها. وهم يضيفون الشيء إلى الشيء لأدنى مناسبةٍ. ويروى مبرأً بالنصب والجر، فإذا نصبته فإنه ينعطف على غير مهبل، كأنه قال: شب في هاتين الحالتين. وإذا جررته ينعطف على قوله جلدٍ من الفتيان كأنه بمغشمٍ جلدٍ ومبرإ. والمعنى أن الأم حملت به وهي طاهرٌ ليس بها بقية حيضٍ، ووضعته ولا داء به استصحبه من بطنها فلا يقبل علاجًا، لأن داء البطن لا يفارق. ولم ترضعه أمه غيلًا، وهي أن تسقيه وهي حبلى بعد ذلك. ويروى عن أم تأبط شرًا قالت: ما وضعته يتنًا، ولا أرضعته غيلًا، ولا أبته مئقًا، ولا رأيت بنفسي دمًا. ولقد حملت به في ليلةٍ مظلمة وتحت رأسي سرجٌ، وعلى أبيه درعٌ. وإنما تريد بهذا الكلام الآخر ما تقول العرب من أن المرأة إذا أكرهت على الوطء، أو وطئت مذعورة، أنجبت وأذكرت. الداء المعضل: الذي لا دواء له كأنه أعضل الأطباء وأعياهم، وأصل العضل المنع، ومنه عضلت المرأة إذا نشب ولدها في بطنها فلم يخرج. وعضلتها: منعتها من التزويج ظلمًا.
حملت به في ليلةٍ مزؤودةٍ ... كرهًا وعقد نطاقها لم يحلل
الزأد: الذعر، وقد زئد فهو مزؤود. والمعنى حملت الأم بهذا المغشم. ويروى مزؤودةً بالنصب على الحال للمرأة؛ ويروى مزؤودةٍ بالجر، ويجوز فيه وجهان: أحدهما أن تجعله صفةً لليلةٍ، كأنه لما وقع الزؤود والذعر فيها جعله لها، والأكثر في المجاز والاتساع أن ينسب الفعل إلى الوقت فيؤتى به على أنه فاعل، كما قيل: نهاره صائمٌ، وليله قائمٌ. وحسن هذا لأن الظرف قد يقدر تقدير المفعول الصحيح، بأن ينزع منه معنى في، كما قال الشاعر:
ويوم شهدناه سليمًا
فعلى ذلك تقول شهدت الليلة، وزئدت الليلة، وليلةٌ مشهودة ومزؤودة. ويجوز أن يكون انجراره في الجوار، وهو في الحقيقة للمرأة، كما قيل: هذا جحر ضبٍ
1 / 66