وقال ربيعة بن مقرومٍ الضبي
ولقد شهدت الخيل يوم طرادها ... بسلم أوظفة القوائم هيكل
اطراد الماء والسراب والكلام: اتساقها على حد الاستقامة والمراد. ويقال: جدولٌ مطردٌ، وبلدٌ طرادٌ، أي واسعٌ يطرد فيه السراب. وأراد بالخيل الفرسان لا الأفراس، ألا ترى أنه قال " يوم طرادها ". والطراد من الفرسان: حمل بعضهم على بعضٍ. وعلى هذا ما روي عن النبي ﷺ، وهو " يا خيل الله اركبي ". والمعنى حضرتهم يوم تطاردهم بالرماح وأنا على فرسٍ ضخمٍ سليم الأوظفة من العيوب. ول " شهدت " موضعان: الحضور من قول الله تعالى: " وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين ". وقوله ﷿: " ما أشهدتم خلق السموات والأرض "، وحينئذ يتعدى إلى مفعول واحدٍ. والعلم والتبيين، على ذلك قول الله تعالى: " شهد الله أنه لا إله إلا هو "، وحينئذ يتعدى إلى مفعولين. وقد يقسم به كما يقسم بالعلم، فيقال يشهد الله كما يقال يعلم الله. فأما شهادة الشاهد فلابد من القول فيها. والهيكل أصله في البناء العظيم، ثم وصف به الفرس.
فدعوا نزل فكنت أول نازلٍ ... وعلام أركبه إذا لم أنزل
قوله " دعوا نزال " أي صاحوا: نزال نزال. ومنه قيل لتطريب النائحة في نياحتها: التدعي. وهذا كما قال الأعشى:
قالوا الطراد فقلناتلك عادتنا
وفي القرآن: " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ". ويجوز أن يكونوا جعلوا نزال على التوسع هي المدعوة وإن كانت دعي إليها؛ ويشهد لهذا الوجه قولهم:
دعيت نزال ولح في الذعر
1 / 48