بشيءٍ: ومصدر ذكرتك ذكر بضم الذال، لأن الذُكر بالقلب والذِكر باللسان. والاسم من نهلت النهل. والمورد: المنهل: وقد عد الناهل في الأضداد، لوقوعه على الريان والعطشان، وكأن حقيقة النهل أول السقي، والاكتفاء به قد يقع وقد لا يقع فلذلك استعمل الناهل في الري والعطش.
فوالله ما أدري وإني لصادقٌ ... أداءٌ عراني من حبابك أم سحر
أقسم بالله على استواء علمه بالحالتين اللتين ذكرهما. ويسمي الألف التي في قوله " أداءٌ عراني " ألف التسوية، لهذا الذي ذكرناه. وكذلك لو قال: ليت شعري أزيدٌ في الدار أم عمروٌ، لكان الألف ألف التسوية أيضًا، لأنه بتمنيه العلم بما ذكره من الأمرين، دل على استواء درايته بهما: " وعراني " معناه أصابني. يقال عراه يعروه، واعتراه يعتريه، وعره يعره بمعنىً واحد.
و" الحباب " بمعنى الحب، كأنه مصدر حببته. وقد يكون مصدر حاببته ويكون من اثنين. ويكون أيضًا جمع الحب، وكأنه جمعه على اختلاف أحواله فيه، كما تجمع الشمس على مواقعها. ويروى " جنابك " والمعنى من ناحيتك. وقوله " إني لصادقٌ " يجوز أن يريد به صدقه في الخبر، ويجوز أن يريد بره في الحلف، ومرجع الوجهين إلى معنىً واحدٍ.
فإن كان سحرًا فاعذريني على الهوى ... وإن كان داء غيره فلك العذر
السحر والتمويه يرجعان إلى معنىً واحد، ولذلك قال تعالى: " سحروا أعين الناس "، أي أخرجوه على وجهٍ في ورأى العين وحقيقته على خلافه. والسحارة: لعبة ذلك صفتها. ويقال عنزٌ مسحورةٌ، إذا عظم ضرعها وقل لبنها. وأرض مسحورة، إذا لم تنبت شيئًا: فيقول: إن كان ما بي سحرًا فلي عذرٌ في هواك، لأن من يسحر يحبب، وإن كان داءً غير السحر فالعذر لك، لأني وقعت فيه بتعرضي لك، وفكري في محاسنك، والدلالة على أن " فاعذريني " في موضع فلي عذرٌ، ما قابله به من قوله " فلك العذر ". وفي هذا إسقاط سؤال السائل: لم قال اعذريني ولاذنب له وإنما يحتاج إلى بسط العذر من له ذنب أو يتصور بصورته، وانتصاب " داء " على أن يكون خبر كان، كأنه قال: وإن كان مابي داءً. ويجوز أن يكون توهم أن تلك تصورته بصورة المذنب فيما أظهره من عشقه فقال لها: إن أنت فتنتني وأوقعتني في حبالك لما عرضت علي من محاسنك فلي عذرٌ حين افتتنت،
1 / 45