يستطرف من تلك لو وقع الفعل منها على الحقيقة مع نعمتها. وهذا كما قال غيره:
طرق الخيال ولا كليلة مدلج ... سدكًا بأرحلنا ولم يتعرج
وكما قال الآخر:
وأنى اهتدت والدو بيني وبينها ... وما خلت ساري الليل بالدو يهتدي
وأما تعجبه من توصلها فهو تعجب من لطفها في ذلك، وحسن تأتيها، مع العوارض والموانع. والمسرى يصلح في اللغة أن يكون مصدرًا ومكانًا ووقتًا والبيت لا يمتنع من وجوهه. وأنى معناه كيف، أو من أين، كذا قال سيبويه. وقد تجرد لأن يكون بمعنى كيف في قول الكميت:
أنى ومن أين آبك الطرب
أتتنا فحيت ثم قامت فودعت ... فلما تولت كادت النفس تزهق
التحية: السلام والملك والبقاء. والمحيا: الوجه من الإنسان، لأنه يخص عند التسليم بالذكر فيقال حيا الله وجهك، وإن كانت الجملة متلقاةً به. وقيل التحية مشتقة من الحياة أوالحياء. والمحاياة: تحية القوم بعضهم بعضا. والمحيا من الفرس: حيث انفرق اللحم تحت الناصية. فيقول حاكيًا لحال الخيال: جاءتنا فسلمت علينا، ثم لم تلبث إلا قليلًا حتى قامت وأعرضت، فلما تولت كادت النفس تخرج في أثرها. ويروى: " ألمت فحيت ". والإلمام: الزيارة الخفيفة. وقوله " لما تولت " جوابه " كادت النفس " وهو علمٌ للظرف. ومتى كان علمًا للظرف لم يكن له بدٌ من جوابٍ، لأنه يكون لوقوع الشيء لوقوع غيره. وتزهق خبر كادت، لأن كاد ككان وأخواته ها هنا إذا وقع بعده الاسم، وهو موضوعٌ لمشارفة الفعل ومشافهته، ولهذا وجب ألا يكون معه " أن ". تقول: كاد يفعل، ولا يجوز أن يفعل إلا في الشعر. ومعنى تزهق: تهلك، ومنه قيل للبئر البعيدة القعر والمتلفة البعيدة: زاهقةٌ وزهوق. وفي القرآن: " فإذا هو زاهقٌ ". ويجوز أن يريد به في البيت
1 / 42