ورجعته رجعًا. ومعنى يرجعن قومًا يرددن بأمرهم أمر قوم، وبائتلافهم ائتلاف قوم. فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. وخبركان محذوف كأنه قال كالذي كانوه، أي كانوا عليه قبل من الائتلاف والاتفاق. والضمير الذي أظهرناه في كانوه هو الذي تصح الصلة به، لأن الموصول لابد من أن يكون في صلته ضمير يعود إليه إذا كان اسمًا، والذي ليس يرجع إليه من كانوا شىء إلاما أبرزناه من الضمير. ومن جوز حذف الجار والمجرور من الصفة في نحوقوله تعالى: " واتقوا يومًا لاتجزى نفس عن نفس شيئا " ويقدر فيه أن الكلام لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا، لا يسوغ له أن يقدر في الصلة أيضا كذلك. وإذا كان الأمر على هذا فلا يجوز أن يكون التقدير يرجعن قومًا كالذي كانوا عليه، لأن مثل عليه لايجوز حذفه من الصلة، لاتقول الذي مررت جالس، وأنت تريد مررت به، والذي دخلت منطلق، وأنت تريد الذي دخلت عليه. وبمثل هذا توصل من زعم في الآية أن التقدير: واتقوا يومًا لاتجزيه نفس عن نفس شيئا، لأنه قال: الصفة كالصلة، فكما لا يجوز حذف فيه وأشباهه من الصلة، كذلك لا يجوز حذفها من الصفة، فاعلمه. ويجوز أن يكون قوله كالذي كانوا، أراد كالذين كانوا، وحذف النون تخفيفا، كما قال:
إن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد
فيكون المعنى يرجعن بهم قومًا كالذين كانوا من قبل. وفي هذا الوجه يجوز أن يجعل الذي للجنس، كما قال الله تعالى: " والذي جاء بالصدق وصدق به " ثم قال " أولئك هم المتقون "، والفصل بين هذا الوجه وبين الوجه الأول أنه أمّل في الوجه الأول أنهم إذا عفوا عنهم أدبتهم الأيام وردت أحوالهم في التواد والتحاب كأحوالهم فيما مضى، وأزالت من فساد ذات البين ما اعترض بسوء عشرتهم. وفي الوجه الثاني أمّل أن ترجع الأيام أنفسهم إذا صفحوا عنهم كما عهدت: سلامة صدور، وكرم اعتقاد وعهود.
فلما صرح الشر ... فأمسى وهو عريان
فائدة أمسى وأصبح وظل وبات في مثل هذا المكان على حد الفائدة في صار لو وقع موقعها، ألا ترى قوله تعالى: " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا "، والبشارة بالأنثى تقع ليلًاو نهارا. وكذلك تقول: أصبحوا خاسرين وأمسوا نادمين، وإن كانوا في كل أوقاتهم على ذلك. " ولما " علم للظرف،
1 / 28