Commentaire de la Croyance de Tahawi

Ibn Abi al-Izz d. 792 AH
87

Commentaire de la Croyance de Tahawi

شرح العقيدة الطحاوية

Chercheur

أحمد شاكر

Maison d'édition

وزارة الشؤون الإسلامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ هـ

Lieu d'édition

والأوقاف والدعوة والإرشاد

[أَوَّلِ] هَذَا الْأَمْرِ، فَقَالَ: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ"، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ: "وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ؛ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ"، وَفِي لَفْظٍ: "ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ». فَقَوْلُهُ: "كَتَبَ فِي الذِّكْرِ": يَعْنِي اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ (١)؛ يُسَمَّى مَا يُكْتَبُ فِي الذِّكْرِ ذِكْرًا، كَمَا يُسَمَّى مَا يُكْتَبُ فِي الْكِتَابِ كِتَابًا. وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى قَوْلَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَقْصُودَ إِخْبَارُهُ بِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مَوْجُودًا وَحْدَهُ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ دَائِمًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ إِحْدَاثَ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ، فَجِنْسُهَا وَأَعْيَانُهَا مَسْبُوقَةٌ بِالْعَدَمِ، وَأَنَّ جِنْسَ الزَّمَانِ حَادِثٌ لَا فِي زَمَانٍ، وَأَنَّ اللَّهَ صَارَ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنَ الْأَزَلِ إِلَى حِينِ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ ولا كَانَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْمُرَادُ إِخْبَارُهُ عَنْ مَبْدَأ خَلْقِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، كَمَا أَخْبَرَ الْقُرْآنُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مَقَادِيرَ الْخَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ». فَأَخْبَرَ ﷺ أَنَّ تَقْدِيرَ هَذَا الْعَالَمِ الْمَخْلُوقِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ كَانَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَأَنَّ عَرْشَ الرَّبِّ - تَعَالَى - كَانَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَاءِ. دَلِيلُ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَ أَهْلِ الْيَمَنِ"جِئْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ"، [هُوَ] (٢) إِشَارَةٌ إِلَى حَاضِرٍ مَشْهُودٍ مَوْجُودٍ، وَالْأَمْرُ هُنَا بِمَعْنَى الْمَأْمُورِ، أَيِ الَّذِي كَوَّنَهُ اللَّهُ

(١) سورة الْأَنْبِيَاءِ آية: ١٠٥. (٢) في الأصل وسائر النسخ: (وهو)، ولعل الصواب حذف الواو كما أثبتناه من الفتاوى ١٨/ ٢١٥. ن.

1 / 90