Commentaire de la Croyance de Tahawi
شرح العقيدة الطحاوية
Chercheur
أحمد شاكر
Maison d'édition
وزارة الشؤون الإسلامية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨ هـ
Lieu d'édition
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Croyances et sectes
ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ فِي الْفِطَرِ مِنْ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، دَالَّةٌ مُثْبِتَةٌ مُسْتَلْزِمَةٌ لِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ.
وَقَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (١).
وَقَدْ ظَنَّ طَوَائِفُ أَنَّ هَذَا دَلِيلُ التَّمَانُعِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْعَالَمِ صَانِعَانِ الْخَ، وَغَفَلُوا عَنْ مَضْمُونِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَقُلْ: أَرْبَابٌ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ وُجُودِهِمَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِمَا وَهُمَا مَوْجُودَتَانِ آلِهَةٌ سِوَاهُ لَفَسَدَتَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿لَفَسَدَتَا﴾، وَهَذَا فَسَادٌ بَعْدَ الْوُجُودِ، وَلَمْ يَقُلْ: لَمْ يُوجَدَا. وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا آلِهَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ، بَلْ لَا يَكُونُ الْإِلَهُ إِلَّا وَاحِدا، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِلَهُ الْوَاحِدُ إِلَّا اللَّهُ ﷾، وَأَنَّ فَسَادَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْآلِهَةِ فِيهِمَا مُتَعَدِّدَةً، وَمِنْ كَوْنِ الْإِلَهِ الْوَاحِدِ غَيْرَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَا صَلَاحَ لَهُمَا إِلَّا بِأَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ فِيهِمَا هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا غَيْرُ. فَلَوْ كَانَ لِلْعَالَمِ إِلَهَانِ مَعْبُودَانِ لَفَسَدَ نِظَامُهُ كُلُّهُ، فَإِنَّ قِيَامَهُ إِنَّمَا هُوَ بِالْعَدْلِ، وَبِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ.
وَأَظْلَمُ الظُّلْمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ الشِّرْكُ، وَأَعْدَلُ الْعَدْلِ التَّوْحِيدُ.
وَتَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ مُتَضَمِّنٌ لِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ دُونَ الْعَكْسِ. فَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ يَكُونُ عَاجِزًا، وَالْعَاجِزُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا. قَالَ تَعَالَى: ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ (٢)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾
_________
(١) سورة الْأَنْبِيَاءِ آية: ٢٢.
(٢) سورة الْأَعْرَافِ آية: ١٩١.
1 / 39