Commentaire de la Croyance de Tahawi
شرح العقيدة الطحاوية
Enquêteur
أحمد شاكر
Maison d'édition
وزارة الشؤون الإسلامية
Édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨ هـ
Lieu d'édition
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Croyances et sectes
بِالْقَدَرِ، وَالْإِيمَانُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَهَذَا حَقٌّ، وَالْأَدِلَّةُ عَلَيْهِ ثَابِتَةٌ مُحْكَمَةٌ قَطْعِيَّةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى دَلِيلِ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ.
وَأَمَّا الْمَلَائِكَةُ فَهُمُ الْمُوَكَّلُونَ بِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَكُلُّ حَرَكَةٍ فِي الْعَالَمِ فَهِيَ نَاشِئَةٌ عَنِ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ (١)، ﴿فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا﴾ (٢). وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَأَتْبَاعِ الرُّسُلِ، وَأَمَّا الْمُكَذِّبُونَ بِالرُّسُلِ الْمُنْكِرُونَ لِلصَّانِعِ فَيَقُولُونَ: هِيَ النُّجُومُ. وَقَدْ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ، وَأَنَّهَا مُوَكَّلَةٌ بِأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَكَّلَ بِالْجِبَالِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّلَ بِالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَائِكَةً تُدَبِّرُ أَمْرَ النُّطْفَةِ حَتَّى يَتِمَّ خَلْقُهَا، ثُمَّ وَكَّلَ بِالْعَبْدِ مَلَائِكَةً لِحِفْظِ مَا يَعْمَلُهُ وَإِحْصَائِهِ وَكِتَابَتِهِ، وَوَكَّلَ بِالْمَوْتِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّلَ بِالسُّؤَالِ فِي الْقَبْرِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّلَ بِالْأَفْلَاكِ مَلَائِكَةً يُحَرِّكُونَهَا، وَوَكَّلَ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مَلَائِكَةً، وَوَكَّلَ بِالنَّارِ وَإِيقَادِهَا وَتَعْذِيبِ أَهْلِهَا وَعِمَارَتِهَا مَلَائِكَةً، وَوَكَّلَ بالجنة وعمارتها وغرسها وَعَمَلِ آلَاتِهَا مَلَائِكَةً، فَالْمَلَائِكَةُ أَعْظَمُ جُنُودِ اللَّهِ، وَمِنْهُمُ: الْمُرْسَلَاتُ عُرْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا وَالْفَارِقَاتُ فَرْقًا وَالْمُلْقِيَاتُ ذِكْرًا. وَمِنْهُمُ: النَّازِعَاتُ غَرْقًا، وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا، وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا، فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا. وَمِنْهُمُ: الصَّافَّاتُ صَفًّا، فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا، فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا.
وَمَعْنَى جَمْعِ التَّأْنِيثِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: الْفِرَقُ وَالطَّوَائِفُ وَالْجَمَاعَاتُ، الَّتِي مفردها: "فرقة"و"طائفة"و"جماعة"، وَمِنْهُمْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، وَمَلَائِكَةٌ قَدْ وُكِّلُوا بِحَمْلِ الْعَرْشِ، وَمَلَائِكَةٌ قَدْ وُكِّلُوا بِعِمَارَةِ السَّمَاوَاتِ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا إِلَّا الله. وَلَفْظُ"الْمَلَكِ"يُشْعِرُ بِأَنَّهُ رَسُولٌ مُنَفِّذٌ لِأَمْرِ مُرْسِلِهِ، فَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، بَلِ الأمر كله لله الواحد الْقَهَّارِ، وَهُمْ يُنَفِّذُونَ أَمْرَهُ: ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ (٣)، ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ (٤)، ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ﴾
(١) سورة النازعات آية ٥.
(٢) سورة الذاريات آية ٤.
(٣) سورة الأنبياء آية ٢٧.
(٤) سورة البقرة آية ٢٥٥.
1 / 279