227

Commentaire de la Croyance de Tahawi

شرح العقيدة الطحاوية

Enquêteur

أحمد شاكر

Maison d'édition

وزارة الشؤون الإسلامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ هـ

Lieu d'édition

والأوقاف والدعوة والإرشاد

إِلَى أَمْرٍ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ [فَوْتِهِ] (١).
مِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ خَلَقَ إِبْلِيسَ، الَّذِي هُوَ مَادَّةٌ لِفَسَادِ الْأَدْيَانِ وَالْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ وَالْإِرَادَاتِ، وَهُوَ سَبَبٌ لِشَقَاوَةِ كَثِيرٍ مِنَ الْعِبَادِ، وَعَمَلِهِمْ بِمَا يُغْضِبُ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ، ﵎، وَهُوَ السَّاعِي فِي وُقُوعِ خِلَافِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ. وَمَعَ هَذَا فَهُوَ وَسِيلَةٌ إِلَى مَحَابَّ كَثِيرَةٍ لِلرَّبِّ تَعَالَى تَرَتَّبَتْ عَلَى خَلْقِهِ، وَوُجُودُهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ عَدَمِهَا.
مِنْهَا: أَنَّهُ تَظْهَرُ لِلْعِبَادِ قُدْرَةُ الرَّبِّ تَعَالَى عَلَى خَلْقِ الْمُتَضَادَّاتِ الْمُتَقَابِلَاتِ، فَخَلَقَ هَذِهِ الذَّاتَ، الَّتِي هِيَ أَخْبَثُ الذَّوَاتِ وَشَرُّهَا، وَهِيَ سَبَبُ كُلِّ شَرٍّ، فِي مُقَابَلَةِ ذات جبرائيل، الَّتِي هِيَ مِنْ أَشْرَفِ الذَّوَاتِ وَأَطْهَرِهَا وَأَزْكَاهَا، وَهِيَ مَادَّةُ كُلِّ خَيْرٍ، فَتَبَارَكَ خَالِقُ هَذَا وَهَذَا. كَمَا ظَهَرَتْ قُدْرَتُهُ فِي خَلْقِ اللَّيْلِ والنهار، والدواء والداء، وَالْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَالْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ، وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَذَلِكَ من أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَعِزَّتِهِ وَمُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ، فَإِنَّهُ خَلَقَ هَذِهِ الْمُتَضَادَّاتِ، وَقَابَلَ بَعْضَهَا ببعض، وجعلها مجال تَصَرُّفِهِ وَتَدْبِيرِهِ، فَخُلُوُّ الْوُجُودِ عَنْ بَعْضِهَا بِالْكُلِّيَّةِ تَعْطِيلٌ لِحِكْمَتِهِ وَكَمَالِ تَصَرُّفِهِ وَتَدْبِيرِ مَمْلَكَتِهِ.
وَمِنْهَا: ظُهُورُ آثَارِ أَسْمَائِهِ الْقَهْرِيَّةِ، مِثْلِ: الْقَهَّارِ، وَالْمُنْتَقِمِ، والعدل، والضار، والشديد العقاب، والسريع العقاب، وَذِي الْبَطْشِ الشَّدِيدِ، وَالْخَافِضِ، وَالْمُذِلِّ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ وَالْأَفْعَالَ كَمَالٌ، لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مُتَعَلَّقِهَا، وَلَوْ كَانَ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ عَلَى طَبِيعَةِ الْمَلَائِكَةِ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ.
وَمِنْهَا: ظُهُورُ آثَارِ أَسْمَائِهِ الْمُتَضَمِّنَةِ [لِحِلْمِهِ] (٢) وَعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَسَتْرِهِ وَتَجَاوُزِهِ عَنْ حَقِّهِ وَعِتْقِهِ لِمَنْ شَاءَ مِنْ عَبِيدِهِ، فَلَوْلَا خَلْقُ مَا يَكْرَهُهُ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى ظُهُورِ آثَارِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَتَعَطَّلَتْ هَذِهِ الْحِكَمُ وَالْفَوَائِدُ، وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله

(١) في الأصل: (فوقه) والصواب ما أثبتناه، كما في «مدارج السالكين» ٢/ ١٩٤. ن.
(٢) في الأصل: (كلؤه). والصواب ما أثبتناه، كما في «مدارج السالكين» ٢/ ١٩٥. ن.

1 / 230